سلسلة المصطلحات المقاصدية (6)
الأحكام_العبادية_والأحكام_العادية.
قال القرافي: (( الأمور المشروعة تارة تكون عبادية، وتارة تكون عادية ))، وهذا التقسيم كثير عند أهل الفقه والأصول.
وقد سبق بيان معنى (( الأحكام )) عند دراسة مصطلح (( الأحكام التحكمية)).
العبادة_والعادة_في اللغة
العبادة لغة مصدر عبد يعبد. يقال عبد يعبد عبادة، وتعبّد يتعبّد تعبّداً. وتدل العبادة على ((الانقياذ والخضوع)).
وأما العادة، فمن عاد يعود، وعادني الشيء عودا واعتادني، انتابني. واعتادني هم وحزن. والاعتياد في معنى التعود، وهو من العادة. يقال: عودته فاعتادوتعود.
العبادة_والعادة_في_القرآن_والسنة
وردت مشتقات ( عبَدَ) عشرات المرات في القرآن الكريم؛ قال سبحانه: ( ياأيها الناس اعبدو ربكم الذّي خلقكم والذين من قبلكم لعلّكم تتّقون) البقرة:21) وقال تعالى:( واعبدو الله ولا تشركوا به شيئاً) النساء:36)، وقال جل جلاله : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). الذاريات:56).
ويُفرق الراغب الأصفهاني بين العبادة والعبودية في القرآن قائلا إن (العبودية إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل، ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال وهو الله تعالى ).
فمفهوم العبادة شامل؛ إذيقصدبه الانصياع لامر الله جل في علاه، واجتناب نوتهيه ظاهرا وباطنا تعظيما لله جلاله ووقوفاً عند حدوده.
ومن موارد (( العبادة)) في السنة قوله صلى الله عليه وسلم (( اللهم أنجزلي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لاتعبد في الارض)).
وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: ان أعرابيا اتي النبي صلى الله عليه وسلم،فقال: دُلَّني على عمل إذا عملته دخلت الجنة، قال:( تعبدالله ولاتشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان) قال: والذي بنفسي بيده لا أزيد على هذا)
لم ترد كلمة ( العادة) في القرآن الكريم، بينما وردت في الحديث، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الخير عادة، والشر لجاجة، ومن يرد الله به خيرا يفقه في الدين).
الاحكام_العبادية_والاحكام_العادية_في_الاصطلاح_المقاصدي
يقصد بالعبادة مطلق الانقياد والخضوع الله جل جلاله.
ويراد بها أيضا معنى اصطلاحي وهو ما يعنينا الآن؛ وهو التكاليف المخصوصة التي يراد بها التعبد الله وأداء حقه في ذلك، مثل الطهارة والصلاة والحج والعمرة والصوم..
والضابط المشترك لما يندرج في المفهوم الاصطلاحي للعبادة وهو ضابط (التحديد)؛ أي تحديد الهيئة والطريقة التي تؤدي بها العبادة ولايجوز الخروج عنها؛ لأن (المقصود الشرعي الأول التعبّد لله بذلك المحدود وأن غيرَه غيرُ مقصود شرعاً.
ويقابل الأحكامَ العباديةَ الأحكام العادية، وهي المتعلقة بعادات الناس في حياتهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم.
فالمقصود بالأحكام العبادية، الأحكام المتعلقة بأداء والعبادات. والغالب فيها التحكم والتوقف عند ما حدّه الشارع، وإن كان كثير منها معلل ومعقول المعنى. فالقول إن الأصل في الأحكام العبادية التعبد هو باعتبار ما غلب.
والمقصود بالأحكام العادية الأحكام المتعلقة بالعادات، والأصل فيها التعليل والالتفات إلى المعنى والمصالح المرعية فيها.
من كتاب: معجم المصطلحات المقاصدية ص: (46-48)
شارك هذه الصفحة, واترك رأيك حول الموضوع باستخدام وسيلة التواصل التي تناسبك!
اضف تعليقا