البيان الختامي للمؤتمر العلمي الثالث: دور العلماء في إرساء السلم والمصالحة الوطنية (رؤية شرعية مقاصدية)

 

البيان الختامي

المؤتمر العلمي الثالث لمركز المقاصد للبحوث والدراسات

حول

دور العلماء في إرساء السلم والمصالحة الوطنية

(رؤية شرعية مقاصدية)

مقديشو – فندق الجزيرة

31 أكتوبر – 02 نوفمبر 2023م

تمهيد:

انعقد المؤتمر الثالث لمركز المقاصد للبحوث والدراسات حول  موضوع “دور العلماء في إرساء السلم والمصالحة الوطنية (رؤية شرعية مقاصدية)” في ظل ظروف مزمنة من غياب المصالحة الشاملة والمثمرة في كثير من الدول العربية والإسلامية التي تشهد صراعات مختلقة في أسبابها ولكنها متطابقة في نتائجها ومعالمها الكبرى المتمثلة في تقويض وحدة المجتمعات وضرب السلم والأمن والتنمية والمصالح الكبرى للشعوب العربية والإسلامية.

ويأتي الصومال في مقدمة الدول الإسلامية التي تعاني من الصراعات والحروب الأهلية التي تسببت بفشل الدولة ثم سقوطها ثم انهيارها بشكل تام، كما عجزت جهود المصالحة ومبادرات تحقيق الوفاق الوطني من إنهاء دوامة النزاع والصراعات وحل جذور الأزمة الوطنية الصومالية حتى ينعم البلد بالأمن والأمان والازدهار المنشود.

وفي نقاشات تمهيدية للمؤتمر، ومن مخرجات ورش عمل وندوات وبحوث توصّل المركز إلي أهمية الوقوف على موضوع المصالحة والسلم ودور العلماء في إرساء دعائمهما في المجتمع، فاتخذ القرار بتخصيص المؤتمر العلمي الثالث للمركز لدور العلماء في إرساء السلم والمصالحة الوطنية؛ وقد وقع الاختيار على تقييد الموضوع بدور العلماء تماشيا مع طبيعة اختصاص المركز وحرصا على تحديد موضوع المؤتمر بحجم يناسب الإطار الزمني المتاح.

وتم توجيه دعوة عامة للراغبين من الباحثين في الداخل والخارج، واستجاب عدد غير قليل ممن أبدى رغبته في المشاركة وتقديم الأوراق، وبعد فحص ومراجعة للأوراق تمت الموافقة على اعتماد عدد 25 ورقة بحثية تم عرضها في محاور المؤتمر الخمسة، واختتم كل محور بجلسة نقاش خاصة بأوراق المحور، كما تم أثناء المؤتمر عقد أربع ندوات ضمن الإطار العام لموضوع المؤتمر.

وشارك في المؤتمر الذي استمر في الفترة بين (16-18 من ربيع الثاني 1445هـ) الموافق لـ (31 أكتوبر – 02 نوفمبر 2023م) في فندق الجزيرة بمقديشو العاصمة كوكبة من الباحثين والضيوف من خارج البلاد مثل السودان والعراق واليمن ونيجيريا وجيبوتي وكينيا ، ومن الإقليم الصومالي بإثيوبيا، وبريطانيا بالإضافة إلى إلى محافظات الصومال، كما تكرّم المؤتمر بحضور دولة رئيس الوزراء السيد حمزة عبد بري الذي افتتح المؤتمر بشكل رسمي، ورئيس المحكمة العليا القاضي باشي يوسف أحمد، وعدد من النواب، والوزراء من بينهم وزير العدل والشئون الدستورية السيد حسن معلم محمود شيخ علي، و وزير الداخلية والشئون الفيدرالية السيد أحمد معلم فقي، ووزير التربية والتعليم السيد فارح شيخ عبد القادر، و وزير الشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ مختار روبو علي، ونائب وزير النقل والطيران السيد أحمد جامع عمر،  وعدد من المسئولين وقيادات المجتمع الدينية والسياسية والفكرية.

مخرجات المؤتمر:

من خلال عرض الأوراق البحثية ومناقشتها وما جرى من تداولات علمية في الندوات والجلسات، خلص المؤتمر العلمي الثالث للمركز إلي المخرجات التالية:

أولا: النتائج العامة

  1. العلماء يمثلون مرجعية الأمة وعلى عاتقهم تقع مسئولية تدبير مبدأ المصالحة وتجذيره في حياة الناس تربويا وثقافيا واجتماعيا وعلى الأصعدة كلها، وخاصة في ظل التشرذم والانقسامات المتنوعة في الصومال على مستوى القبائل والأفكار.
  2. إن الإصلاح يبدأ من إصلاح العلماء أنفسَهم استعدادا لإصلاح مجتمعاتهم وأمّتهم وذلك بإصلاح ذواتهم وسلوكهم وفكرهم ومؤسساتهم، والتزود بالآليات والعلوم الداعمة للمصالحة، ثم القيام بدورهم بالتعاون مع شيوخ القبائل والأدباء وبقية أعيان المجتمع.
  3. إحياء منهج العلماء في دراسة العلوم الشرعية العقلية والنقلية وفق منهج منضبط يجمع بين الاصالة والمعاصرة وبين التدرج والتكامل، وإحياء الجانب الروحي في علاج الشبهات والشهوات.
  4. يشيد المؤتمر على ضرورة إدراج موضوع المصالحة في المناهج الدراسية، نظرا لدور مؤسسات التربية المحوري، والتأكد من جعل وظيفتها الأساسية هو التربية على التعايش وترسيخ ثقافة السلم ،وأي تعليم لا يحقق هذه الغاية فهو تعليم فاشل.
  5. يؤكد المؤتمر بضرورة تقوية دور مؤسسات الدولة لقيامها بوظيفة تنمية المجتمع وتوفير سبل العيش الكريم ، ومحاربة مهددات السلم المؤثرة على نسيج العلاقات كالتدخلات الخارجية، وتفشي الظلم والاستبداد السياسي والفساد، والجريمة ، والجهل ، والمخدِّرات ،وانتشار الأسلحة غير الخاضعة للرقابة، والجماعات المسلَّحة، والمنظمات الإرهابية، والاقتصاد القائم على النهب، وكلها مصادر تهدد السلم والأمن.
  6. من أسباب الفرقة التي ينبغي أن يتّجه إليها الإصلاح بالعلاج التعصب الأعمى وضعف دور العلماء واضطراب المفاهيم وقلة العلم والفهم الظاهري للنصوص والتحزب الضيق واضطراب ميزان الأولويات عند الخاصة والعامة.
  7. اهتمام الأمة والعلماء خاصّة بقضايا الأمة الكبرى والتصالح من أجلها، والتوحّد فيها، واستصغار الخصومات وتوافه المشاحنات بالقياس إليها، وعلى رأس القضايا قضية فلسطين والقدس الشريف التي يجب أن تتبوأ مكانتها في تفكير العلماء والدعاة وشرائح الأمة المختلفة، فإن الاهتمام بذلك ينصّب العلماء قدوة للأمة، وهو الباب الأول لصناعة الصلح والإصلاح والمصالحة.
  8. الاهتمام بالأمن الفكري وتحصين المجتمع من الشائعات والأخبار المغرضة وذلك من خلال توظيف مؤسسات التربية والإعلام وتفعيل دورها في غرس التوازن الفكري والتسامح،ونبذ الكراهية والتزام المهنية الإعلامية والقيم المجتمعية.
  9. بما أن الدستور هو الوثيقة العليا والإطار الشامل الذي من خلاله تتم فيه الشرعية  القانونية للدولة التي هي من أهم متطلبات المصالحة الوطنية بجميع جوانبها الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية يوصي المؤتمر بتسريع مراجعته وفقا للشريعة الإسلامية ومقاصدها، واستكمال جهود تطبيق الشريعة على ضوء الدستور.
  10. الاهتمام بالشباب والمرأة ودفعهم نحو القيام بدور فعَّال في تنمية المجتمعات وحشد الجهود وتوظيف الطاقات لتعزيز الإصلاح والمصالحة؛ لما للمرأة والشباب من قدرات كبيرة في ذلك كله.
  11. الاستفادة من تجارب البلدان الأخرى التي نجحت في إجراء مصالحات شعبية ومجتمعية فرغم أن كل مجتمع له طبيعته وخصوصيته إلا أن مكونات الأزمة المادية والبشرية والدولية ودوافعها متشابهة في أغلب الأحيان.
  12. إنّ الإصلاح والمصالحة عملية مركّبة لا تجري على العفوية والتلقائيّة، وإنما تجري على فقه يقوم على مبادئ وسنن نفسية واجتماعية، وعلى ميزان القسط والعدل وتحرّى الحكمة والتدرّج والتعادل، حتى ليوشك أن يكون فقه الإصلاح والمصالحة علما قائما بذاته مما يتطلَّب إقامة المؤسسات المتخصصة لدراسة مشكلات النزاع وإجراء البحوث الميدانية المعمقة لمعرفة الأسباب ودوافع المتنازعين.

ثانياً: التوصيات العملية:

1.  العمل على إصدار ميثاق أخلاقي ديني يتعاهد عليه العلماء يجمع بين واجب الوحدة في أصولها وحقّ الاختلاف في قواعده وأخلاقه وآدابه حتى تتمّ هذه المعادلة على سواء.

2.  دعوة أصحاب الشأن بسن التشريعات اللازمة لتنفيذ المصالحة والإنصاف وخاصة التشريعات التي تشمل قانون العدالة الانتقالية، والمعايير والإجراءات الخاصة التي توجه نظم عمل القائمين بالمصالحة بما فيهم شيوخ القبائل وأرباب مجالس التحكيم.

3.  دعوة الوزارات المعنية بإنشاء لجان علمائية في العاصمة والولايات تكون مرجعا في العمل على الصلح والمصالحة وتعنى باستيعاب النزاعات والاختلافات التي تُضعف النسيج المجتمعي، وتقوم بالتحكيم والمصالح وتخصيص ميزانية لذلك من قبل الحكومة.

4.  يوصي المؤتمر العلماء باعتبارهم صنَّاع الوعي المجتمعي بتكثيف جهودهم لإطلاق مبادرات وحملات وطنية (صومال بلا تطرف، وسفراء السلام والوسطية)، والقيام بجولات توعوية في شتى المناطق في الداخل والخارج.

5.  يثمن المؤتمر جهود الحكومة الفيدرالية الصومالية بقيادة فخامة الرئيس الدكتور حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء السيد حمزة عبده برى، وسعيها الحثيث في إحلال السلام والسلام وتحقيق المصالحة الشاملة.

6.  يندد المؤتمر العدوان الإسرائيلي على إخواننا في غزة بأرض فلسطين، ويدعو الدول الإسلامية وشعوبها إلى مساندة هذا الشعب الأبي الذي يتعرض لأبشع ألوان العدوان والقصف والتهجير، ونسأل الله أن يمدهم بنصره وعونه ويكتب لهم النصر والتمكين.

وفي الختام يتقدم مركز المقاصد للبحوث والدراسات بالشكر الجزيل والثناء الغامر لدولة رئيس الوزراء حمزة عبدي برى ولأعضاء الحكومة وخاصة وزير الداخلية السيد أحمد معلم فقي والسيد الوزير مختار روبو وجميع الوزارءا علي على جهودهم القيمة لإنجاح المؤتمر، ولكل ضيوف المؤتمر الذين تجشَّم بعضهم عناء السفر من بلدان نائية، ومن ولايات الصومال، كما نشكر روابط العلماء، وممثلي المجتمع المدني رجالا ونساء، والمؤسسات التي ساهمت في إنجاح هذا المؤتمر، وبخاصة اللجنة المنظمة، وللإعلاميين، ولقوات الأمن على دورها في الحراسة وحفظ النظام ، فجزاكم الله خيراً.

 

مقديشو- الصومال

 

18 ربيع الثاني 1445هـ 02 نوفيمبر2023

البيان الختامي للمؤتمر_النهائي-1

Share:

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn