لا مشاحة في القول بأن الدولة التي نشأت بعد اتفاقية وستفاليا 1648م، والتي أكدت على قومية الدولة وسيادتها على حدودها من خلال اعتماد مبدأ الولاء القومي، ومبدأ السيادة الوطنية، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، شكلت هذه المبادئ الثلاثة مجتمعة نظام الدولة الحديثة التي أصبح فيما بعد تحقيق الأمن القومي أهم ضروراتها الحياتية.
وذهب العلماء والباحثون مذاهب شتى في تكييف الأمن القومي من حيث مفهومه والعناصر التي يشتمل عليها، وبحسب تقديري “فإن الأمن القومي وهو القدرة على تحقيق مصالح الأمة وصون كرامتها وتعزيز وجودها وبناء ذاتها من خلال عناصر الأمن الأساسية الست وهي الأمن السياسي، الأمن الاقتصادي، الأمن الاجتماعي، الأمن الثقافي، الأمن البيئي، والأمن الصحي”.
لما كانت قضية الأمن القومي هي الشغل الشاغل للمجتمعات المعاصرة، فقد تطرق لها بالتعريف العديد من الباحثين، وعلى سبيل المثال هناك تعريف للدكتور محمد حسين أبوصالح الذي يقول فيه” إن الأمن القومي هو قدرة الدولة على تحقيق وتأمين مصالحها الاستراتيجية، ويقـوم على امتلاك الدولة لعناصر القوة الاستراتيجية التي تقوم وتستند على تحقيق الأمن الإنساني، والتي تتيح للدولة امتلاك إرادتها الوطنية، وتوفر السند المطلوب لتحقيق وتأمين المصالح الوطنية الاستراتيجية، بما يشمله ذلك من المحافظة على البيئة، وتنمية الموارد الطبيعية، وحفظ حقوق الأجيـال القادمـة ومـصالحها، والإسهام في تحقيق الأمن العالمي”.(1)
كما عرفه فريدريك هارتمان Fredrich Hartman: ” “الأمن هو محصلة المصالح القومية الحيوية للدولة”. يعتبر هذا التعريف أكثر مرونة؛ لشموله على المصالح الوطنية والحيوية معًا، في محصلة لتفاعلهما لِتُكَوِّن أمن الدولة، ودون تحديد لها إذ هي من المتغيرات الدائمة، وقد تختلف من موقع لآخر، أو من عصر لآخر كذلك، كما أنه لم يُشِرْ إلى القوة العسكرية، باعتبار المصلحة الدفاعية أحد المصالح الوطنية الحيوية(2). كما عرفته دائرة المعارف البريطانية: الأمن يعني “حماية الأمة من خطر القَهْر على يد قوة أجنبية”. كما عرفه هنري كسينجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، “يعني أيّ تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها إلى حفظ حقه في البقاء”.(3)
من خلال تفحص عناصر الأمن القومي ذات العلاقة بالصومال يجدر بنا تناول أهمها، بشيء من الشرح والتفصيل وعلى النحو التالي: –
1/ الأمن السياسي؛ هو حالة الانسجام والتواطؤ بين المكونات السياسية على طريقة توافقية لإدارة السلطة وتداولها بالطرق السلمية من خلال الاحتكام لهذه الآلية، ولتحقق هذه الآلية مطلوبات الرضى العام، وضمان الفرص المتساوية في أهلية الجميع للتصدي لمهمة الشأن العام؛ وهذا وقد تناول العلماء والمفكرون هذه القضية منذ قديم الزمان، وأفاض بشأنها الكتّاب والمفكرون، ففي الإسلام تواطأ الناس على مبدأ الشورى دون تفاصيل لكيفية تحقيق مقصدها وتنزيلها إلى أرض الواقع، وفي الغرب احتكمت المجتمعات إلى ما اصطلح على تسميته صندوق الاقتراع عن طريق الصوت الواحد للشخص الواحد، والرضا بما تكون عليه نتيجة التصويت ورغبة الناخبين، وفي الشرق ساد قانون الغلبة وذي الشوكة، أما في منطقتنا لم يتوافق الناس على منهج لاختيار الحاكم ما جعلها ترزح تحت نير الاستبداد وحكم الاكراه والثورات والثورات المضادة، وتسبب ذلك في دخول دولنا في نفق الاكراه والتخلف ما أدى على هروب النخب والتحاقها بالدول الغربية الأكثر استقرارا. بالطبيعة ان بلدا كالصومال لابد له من اتخاذ منهج متوافق عليه لسيادة حكم والقانون والعمل على بناء آليه قاصدة للتنافس بين السياسيين والفاعليين المجتمعيين. وان النظام المعمول به في الوقت الراهن الذي يقوم على المحاصصة ذات الإطار القبلي يضع البلاد امام فوهة عدم الرضى القابلة للانفجار، نعم يمكن تطوير هذا النظام الى آفاق أفضل، ولكن من الناحية الاستراتيجية والعملية هناك صعوبات عديدة تعتري عملية التطوير هذه، ولذلك سوف تظل الصومال مهددة في أمنهاالقومي الى ان تتوصل الى صيغة لسد هذه الكوة التي ينفذ منها الشر المستطير الذي يتهدد هذا البلد.
2/ الأمن الاقتصادي؛ يتحقق الأمن الاقتصادي من خلال سد ثغرة الفقر والفاقة، وتحقيق النيل من خيرات أي بلد وتعزيز تكافؤ الفرص بالسوية في تقسيم الثروات بين الناس بما يتحقق معه من حالات الرضا ويتلاشى كذلك النزوع إلى الروح الانتقامية وطغيان السلوك السلبي الناتج عن الشعور بالغبن والظلم، يعزز هذا الشعور ويفاقم القابلية للارتهان والارتماء في أحضان الأجنبي لتحقيق مصالح ذات نطاق ضيق ولكنها تهدم ركن الأمن القومي، وعندما يجد العدو موطأ قدم داخلية تفعل بالبلاد أسوأ مما يمكن ان يفعله المخربون المحترفون من الخارج، فالاقتصاد الصومالي بالرغم من الإمكانيات الوفيرة التي يتمتع بها ولكن الأداء نسبيا ضعيف بالمقارنة بالموارد، فعلي سيبل المثال معدل البطالة نحو 11.4% نعم مؤشر طبيعي في الحالة الصومالية، ولكن الحقيقة ان إمكانات الصومال الاقتصادية تستوعب حتى عمال الدول المجاورة في حال تم استغلالها بالصورة المثلى، ولكن ما يرثي له هو تدني مشاركة القطاع الصناعي في الناتج القومي الصومالي (7%) فقط في بلد لديها قدرات كبيرة في مجال الصناعات التحويليه ذات الكفاءات العاملة الكثيفة.
كما أن مؤشر النمو الاقتصادي في الصومالي في حدود 2.3% وهو كذلك بالرغم من انه معدل إيجابي ولكنه ضعيف بالمقارنة كذلك. وخلاصة القول في هذا المؤشر فإن التوزيع العادل للدخل والثروة يعتبر من اهم عناصر تعزيز الأمن القومي في البلاد.
3/ الأمن الاجتماعي؛ هو حالة الرضا السلوكي الذي ينطلق من عوامل عدة أهمها التربية السلوكية والتعليمية الإيجابية للأفراد وغرس القيم الفاضلة في دواخلهم من خلال تعزيز النمط التعليمي غير المنحاز، والقائمة على قيم المساواة والعدالة والفضيلة والشرف والكرامة والقوامة والشهامة، هذا الباب من أبواب الامن القومي يعد الأخطر لأنه الضامن لسلوك الافراد عندما يغيب القانون ويتلاشى سلطان الدولة سواء كان بغياب السلطة القانونية في المناطق البعيده التي لا يصل اليها سلطان الدولة، او غياب القانون بالصورة الطبيعية من خلال حالات الإهمال وتراخي السلطات القائمة على تنفيذه. كما ان الامن الاجتماعي هو العاصم من الانزلاق المجتمعي في اتون الحروب الاهلية، وبالمثل فالتشوهات المجتمعية هي المدخل لجميع نوازع الشر بين الناس، ففي الصومال كسائر الدول الإسلامية النظام الإسلامي الاجتماعي لا يعمل بالصورة المرضية ما جعل فرص انزلاق الشباب في اتون المخالفات واتباع الهوى ومخالفة القانون في سبيل تحقيق غايات ومصالح شخصية امرا مشاعا، وليس هذا فحسب بل العديد من الشباب الذين ينزلقون في مهاوي التطرف وراء ذلك تكلس النظام الإسلامي الاجتماعي في البلاد، وخلاصة القول في هذا العنصر، ان تفعيل النظام الاجتماعي وتعزيز تربية النشأ على قيم الفضيلة هو المدخل لبناء مجتمع متصالح مع نفسه وفي حالة رضا عما حوله ومتسامح مع محيطة يمثل المدخل الملائم لتحقيق الأمن القومي الاجتماعي.
*4. الأمن القومي الثقافي؛ وهو قدرة الدوله علي تحقيق الاشباع الثقافي من كافة ضروب الثقافة واشكالها، من آداب وفنون ورقص واستماع ولعب ولهو بما يسد منافذ دخول الثقافة الغازية التي تبدد الروح وتستهلك الوجدان وتنصرف بالقدرات الى مهاوي الرذيلة والردي. وعلى ذلك، فإن اغفال السلطات المحلية عن اشباع حاجات الناس الطبيعية في ضروب الفنون والثقافة يجعلهم فرائس للثقافات الغازية المدسوس سمها في دسمها، وضررها في نفعها. الصومال بلد غني بتراثه وثقافته وفنونه الشعبية فمن واجب الدولة السعي في تطوير والإفادة من كل ذلك في تعزيز الوجدان الشعبي والحس القومي والبناء الوطني، فالآداب والفنون سلاح ماض وفتاك في حالة ساء استخدامه، وعليه فإن تحقيق الامن القومي الثقافي يكمن في بناء نموذج ثقافي هادف يقوم على الموروث الشعبي القائم على المثل العليا والحاض على الفضيله الناه عن الرذيلة، والاستفاده من الثقافات الإيجابية الواردة.
5/ الأمن البيئي؛ تعاني الأوضاع البيئية في الصومال تدهورا مريعا، ولما كانت البيئة هي الوسط الذي يعيش فيه الانسان فأنها ذات تأثير عالي على حياة الافراد بما تجلبه من الفقر والامراض وغيرها من المشاكل الاقتصادية القديمة والحادثة، فالهجرة من الريف الى المدن يقف خلفها التدهور في الأوضاع البيئية واثره على معاش الناس وانماط حياتهم، وكما هو معلوم فإن الهجرة وما تحمله من صنوف معيشية وثقافية واجتماعية جديدة على الوافدين تجعلهم اكثر قابلية على الانزلاق في محاضن الجريمة ومهاوي المخدرات، ولعل حياة المهاجرين تنقسم دائما بين الكد من اجل تحقيق مستوى افضل من الحياة او الفشل في تحقيق الذات والدخول في مسارح العبث بالنفس والمال والعقل. في الصومال تسببت الحروب الداخلية في تخريب النظام البيئي اما من خلال تزايد المخلفات السامة ذات الأثر الكبير على حياة الناس واما من خلال الإهمال في صيانة البيئة ورعايتها بما يعزز التوازن البيئي، خلاصة القول في هذا الجانب فإن تحقيق الامن القومي في الصومال يبدأ من البيت والاسرة والمجتمع المحلي والمسؤولية التضامنية من صيانة البيئة المحيطة وجمع النفايات وإعادة تدويرها الى السعي نحو بناء مدن خضراء وصناعات صديقة للبيئة وممارسات البيئة النظيفة.
6/ الامن الصحي؛ الامن القومي الصحي هو قدرة الدولة على بناء الانسان السليم في بدنه والمعافي في عقله الخلاق في جسده، البناء في تفكيره، الواثق من نفسه وقدراته، المتفاعل مع محيطه، الرائد في طرحة، ولعل الصحة الشاملة هي المدخل لبناء انسان سوي وقوي وفعال، الصومال تتعرض الى الامراض المرتبطة بالفقر وعلاجها أكثر ارتباطا بتعزيز الازدهار الاقتصادي وبناء رباط قوى بين بالإنسان ونصيبه من الناتج القومي الإجمالي، وعليه فإن الشعب الصحيح المعافى اكثر قدرة على المساهمة الإيجابية في صيانة الامن القومي في الصومال او في غيرها.
مهددات الأمن القومي الصومالي:
1/ هشاشة الوضع السياسي وسيطرة القبلية؛ هي أولى مهددات الأمن القومي في الصومال وأكثرها خطرا على ديمومة الأمن والسلام الداخلي، اذ ان الالية التي حسمت عبرها التداول على السلطة قاصرة ولا تلبي طموحات وتطلعات كافة شعبها وبالتالي تحرمه من تحقيق وحدة وطنية شاملة لا تقصي أحدا. ولما كان الصراع على السلطة في كل المجتمعات أكثر ارتباطا بالسلوك الفردي للفاعلين السياسيين وقناعاتهم في التعاطي مع القضايا، فإن معالجة هذه الاوضاع هو اصلاح سلوك الافراد والفاعلين السياسيين وقناعتهم في صلاح النموذج المعطوب والولوج نحو نموذج جديد يعالج بشكل أساسي الخلل في النموذج القديم سواء كان ذلك من خلال تبني نموذج جديد لإدارة الشأن السياسي او من خلال تطوير النموذج القديم بحيث يخلق مرآة يرى فيها الناس أنفسهم بزوايا مختلفة ولكن بذات الجودة. ولا جدال في أن الصومال ذلك البلد الغني بموارده الطبيعية والبشرية وصل الى ما وصل اليه نظرا لعدم قدرة القائمين على امره ماضيا وحاضرا في إدارة الشأن السياسي وعجزهم كذلك عن إدارة خلافاتهم وتغليب مصالحهم الشخصية والانانية فانتهى بالأمر بالبلاد الى مرحلة اللادولة وصارت مضربا للمثل في ذلك، الآن الصومال تتعافي تدريجيا ولكن حتى يسير هذا التعافي بخطى سريعة وبوتيرة خلاقة لابد للقائمين على امر الصومال الآن من اصلاح ما افسدته الاطماع الشخصية والتوافق على صيغة للحكم لا تقصي أحد، هذا البلد الصومال له من الخيرات ما يشبع نهم الجميع. فإن أفلحت السلطة الصومالية الحالية في الوصول الى ما وصفناه ففيه منجاة للشعب والأمة والاجيال القادمة.
2/ التدخل الخارجي؛ هو سمة ما بعد بروز الدولة القومية في مؤتمر واتفاقية ستفاليا 1648م الذي جاءت الإشارة اليه في المقدمة، تلك المعاهدة والاتفاق “الذي وجه ولاء الافراد والشعوب نحو الجنسية القومية وليس للكنيسة”، ففي السابق كانت التدخلات في شؤون الدول تتم من خلال نفوذ الكنيسة، لكن فيما بعد ذلك اتجهت الدول لانتهاج سبل ووسائل مختلفة للتدخل في شؤون الدول الأخرى بغرض الحفاظ على مصالحها، منها التدخلات المخابراتية والجواسيس والاعوان الى غيره، وفي ذلك الصومال ليست استثناء فهي دوله غنية بمواردها وسواحلها وشعبها ولذلك الاطماع فيها مازالت وسوف تظل لاسيما فيما بعد انهيار الدولة في تسعينات القرن الماضي، وبناء عليه تعرضت الصومال الى سرقة موارد منظمه من قبل بعض دول الجوار الإقليمي وسوف تظل هذه السرقة متواصلة مالم يتفطن أبناء الصومال الى وقف نزيف الموارد الذي تعانيه بلادهم فإن النتيجة الحتمية هي تطاول امد الفقر والفاقة التي تحيق بشعبها سنين قادمات. ومن أخطر أنواع التدخل الخارجي هو قدرة الدول الأخرى على بناء جيوش وحملة سلاح أصحاب ولاء لهذه الدول الاجنبية سواء من خلال بناء جيوش جديدة او تجنيد قادة القوات النظامية وتحويلها الى قوات مأجورة ولدينا في الإقليم حالات عديدة وضعت بلادها على شفير الانهيار او الانهيار نفسه، وفي المنطقة العربية والافريقية برزت دول تقود حملات لتكوين الجيوش المأجورة في الإقليم، ولكن اللوم في ذلك يعود أساسا الى ضعف النخب الحاكمة فكريا وماديا ما جعلها مدخلا لمثل هذه التدخلات التي تجعل منهم دائما “كالمنبت لا ارض قطع ولا ظهر ابقى”.
3/ الحركات المسلحة في أطراف البلاد لاسيما ” حركة الشباب” فهذه شوكة في خاصرة الصومال وخنجرا مسموما مغروزا في صدرها، فالحركة جمعت بين أفضل ميزتين في الشعب الصومالي ووجهتهما نحو المقصد الخاطئ، وهما ميزتي الشجاعة والتدين، هذا جعل منها الحركة الأكثر شراسة والاصعب مراسا في الإقليم، وما زاد الطين بله هو دخول عنصر المخابرات الذي ولغ في أجهزة الحركة من شعر راسها الى أخمص قدميها، فأصبح يوجهها كيف شاء ومتى شاء ويمدها بالسلاح والمال والعتاد، وعليه تشكيلة الحركة بهذا التعقيد تجعل منها حالة سرطانية في الطور الأخير، ولكن حتى السرطان نفسه علاجه ممكن لو ان احسن الأطباء إدارة بروتكولاته، وعليه لابد من إدارة حوار هادئ وشفاف مع قادة الحركة عبر وسائط قبلية ودينية تجرد الحركة من سلاحها الفعال هو الدين؛ ومن جهة تعمل الدبلوماسية الصومالية على تجريد الحركة من الدعم الأجنبي وتجفيف مواردها المالية، وتعمل من جانب اخر على استقطاب الشباب الى العمل في مصالح ومشروعات ترتبط بعمليات الدمج والتسريح بالتعاون مع المجتمع الدولي.
4/ انتشار الفقر في أي بلد هو مدخل كل شر،، وقديما قيل ” إذا هم الفقر بالدخول الى بلد قال له الكفر خذني معك” الصومال بلد غني بموارده -كما أسلفنا- ولكنه في ذات الوقت فقير بسوء استغلالها وتوزيعها بالصورة المثلي، ولذلك الفقر وانتشاره هما المهدد الأصيل للأمن القومي لأي امة، وعليه هناك ضرورة للعمل على اقتراح استراتيجيات قومية لمحاربة الفقر ومن خلال مشروعات لتطوير قدرات الشباب المهنية والأكاديمية وتعزيز وعيهم بضرورة المساهمة الإيجابية في بناء الأمة ، فمثل هذه الاستراتيجية هي المدخل الأمثل لتفادي انزلاق الشباب واليافعين وانخراطهم مطية لتجار الحروب. أكدت دراسات أخيرة ان أكثر من 90% من الشباب الذين انخرطوا في اتون الحروب والجريمة والمخدرات كان ذلك بدافع الفقر والظروف السيئة التي يعيشونها.
5/ تدهور الوضع البيئي؛ كما أسلفنا فالبيئة هي الحاضنة الضرورية للإنسان وبسبب التدهور الذي لحق بها في الصومال جراء الحروب ومخلفاتها والجفاف والتصحر، لابد من وضع استراتيجية قومية شاملة لوقف التدهور البيئي في الصومال بالتعاون المؤسسات البحثية المحلية والإقليمية والدولية والمنظمات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق الأمم المتحدة للبيئة والمؤسسات والمعاهد الافريقية العاملة في مجال الدراسات البيئية، وهناك العديد من التجارب الدولية يمكن الاستفادة منها، ويمكن للصومال تطوير تجارب خاصة بها من خلال اجراء الدراسات الحقلية لمواجهة هذه الازمة، ففي معالجة التدهور البيئي معالجة للعديد من المشاكل المرتبطة بالفقر مثل الهجرة من الريف الى المدنية، وتغيير الأنماط المعيشية السالبة، وازدهار الحرف الهامشية، وتدمير الاقتصادي الزراعي والرعوي، ونمو الطبقات الطفيلية، وزيادة التسرب نحو اوكار الجريمة والمخدرات والحروب.
ختاما:
أن الحوار السياسي هو مفتاح لمعالجة الأولويات الملحة في أي بلد، ففي الصومال تبرز أهمية التعاطي مع مسألة حركة الشباب بما في ذلك تطوير العمليات القتالية ضد هذه الحركة، وان الإصلاحات الاقتصادية والأمنية، والتصدي لبعض التحديات الإنسانية التي تواجه البلاد يعد امر حيويا أكثر من أي وقت مضى. وتوسيع إطار التعاون الإنمائي الدولي والاقليمي، والإفادة من القدرات الإقليمية والاستعانة بالدول الصديقة له قيمة ومردود عالي لكلا الطرفين، لان الصومال القوي والمستقر هو إضافة للأمن والسلام العالميين، فقد رأى العالم بأم عينيه كيف ان انهيار الدولة في الصومال أقض مضجع الدنيا بأسرها، ووضع الامن الإقليمي والبحري في كف عفريت، وان التجربة الصومالية في الانهيار والتدهور تقف شاهدا على انه ليس من بين الخيارات المتاحة للفاعليين الدوليين الاستغناء على دولة ما الصومال او غيرها، من خلال استضعاف دورها في المحيط العالمي، فمثلما تلعب الدول القوية والدول المستقرة دورا إيجابيا فإن الدول الفقيرة والمنهارة سوف تلعب دورا كارثيا يلحق المجتمع الدولي قاطبة.
المراجع
١. ريناس بنافي المفهوم المعاصر للأمن القومي وإشكالية المعضله الأمنيه… المركز الديمقراطي العربي ٢٥ ديسمبر ٢٠١٦.
٢. نفس المرجع
٣. د. علاء عبد الحفيظ الأمن القومي.. المفهوم والأبعاد .. المعهد المصري للدراسات.. ١١ مارس ٢٠٢٠.