شهدت مدينة مقديشو العاصمة الصومالية خلال يومي الأربعاء والخميس الـ 19، والـ 20/أكتوبر_تشرين الأول/2022م، عرسا ثقاقيا مبهرا وحدثا علميا لافتا، حيث استضافت المدينة في هذين اليومين المؤتمر العلمي الثاني الّذي ينظمه مركز المقاصد للبحوث والدّراسات بمقديشو، والّذي اختير له هذا العام عنوان: التعليم الشرعي في الصومال: المقاصد، المناهج، المشكلات.
شارك في المؤتمر ما يقارب 200 شخص تقريبا من كافة شرائح المجتمع بما فيهم مقدّمي الأوراق العلمية والضيوف الكرام والحضور الكريم من المستفيدين والمفيدين عن وقائع المؤتمر وفعاليته.
قُدّمت إلى المؤتمر حوالي 30 ورقة علمية تعالج كل ورقة موضوعا من مواضيع المحاور الرئيسية للمؤتمر المشتملة على: محور التعليم الشرعي في المدارس القرآنية “الدّكسي”، محور التعليم الشرعي في الحلقات العلمية في المساجد، محور التعليم الشرعي في المدارس النظامية والمعاهد الشّرعية، محور التّعليم الشرعي في مؤسسات التعليم العالي، ومحور التعليم الشرعي عبر التقنيات الحديثة.
الأمر اللافت للنظر أن المشاركين ومقدّمي الأوراق العلمية في المؤتمر لم يكونوا مقتصرين على الصوماليين في الداخل فقط، وإنما تعدّى إلى المثقفين من العنصر الصومالي في منطقة القرن الأفريقي بشكل عام، إلى جانب علماء ومثقفين من أشقائنا في الدول العربية والأفريقية مما أثرى المادة العلمية المقدّمة في المؤتمر وزادها بهاء وجمالا.
لقد تألق المؤتمر بمقدم علماء كبار من العالم الإسلامي أمثال القارئ النيجيري الدّكتور القوني علي هارون محمد عبدالمحسن، الّذي شارك المؤتمر بورقته العلمية المعنونة بـ دور مادة القرآن الكريم في المؤسسات التعليمية في ولاية كنو النيجيرية وأثرها على الدّارسين “كلّية أمين كنو للشريعة والقانون الجامعية نموذجا” (دراسة تطبيقية)، والأستاذ الدّكتور إسماعيل عبد عباس العراقي، الذي قدّم ورقة علمية بعنوان: ثلاثية النجاح في الحلقات العلمية (المدرّس الماهر، المنهج المحكم، المؤسسة الراعية)، والدّكتور محمد مايمون الجزائري صاحب الورقة العلمية بعنوان: منظومة التعليم الشرعي ورهانات القرن الواحد والعشرين.
إن وجود هذا الكم الهائل من العلماء الأفذاذ والمثقفين البارعين مثّل فرصة للتعارف بين النخبة المعنية بالتعليم بشكل عام والتعليم الشرعي بشكل خاص في العالم الإسلامي، كما أن مشاركة علماء من الخارج في المؤتمر تقديما وحضورا يعتبر نافذة جديدة للتواصل العلمي الصومالي مع الخارج وخاصة مع الدول الإسلامية التي نتقاسم معها الظروف المتشابهة والقواسم الثقافية والدينية المشتركة.
ومن أبرز صور التواصل العلمي بين الصومال والخارج التي حققها هذا المؤتمر، – خارج التجارب والبحوث العلمية التي تناولت محاور المؤتمر- ما حدث بين كل من الأستاذ الدّكتور إسماعيل عبد عباس العراقي، والدّكتور عبدالشكور معلم عبد فارح (أبو عائشة) الصومالي، من تبادل للهدايا من إنتاجاتهما العلمية وأعمالهما التأليفية، حيث يقول الشيخ الدّكتور أبو عائشة في منشور له على صفحته في الفيس بوك: ” ممن تشرفت الصومال بزيارتهم فضيلة الشيخ العالم العراقي د. إسماعيل عبد عباس إمام مسجد الإمام الأعظم ببغداد. وقد أهداني – دون طلب مني – عددا من مؤلفاته. فجزاه الله خيرا”، موضحا في منشور آخر له وفي رد له على تعليقات البعض والإجابة عن تساؤلاتهم حول إذا ما شاطر مع الأستاذ نفس الإحساس قائلا في التعليق: “شرّفناه ببعض مؤلفاتنا”.
حقا، لقد كان المؤتمر فرصة للتعارف بين بعض من أهل العلم وذوي الإحسان من أمتنا الإسلامية، كما شكل نافذة للتواصل الصومالي العلمي مع الخارج، إلى جانب مساهمته في إزالة الصورة النمطية السلبية القاتمة التي يعتقدها البعض ممن هم في الخارج عن البلاد، كما أكّد بذلك الدّكتور عثمان حسن محمود المفتى السابق لجمهورية جيبوتي الشقيقة في جلسة عشاء هامشية عقب اختتام فعاليات المؤتمر، علما بأن زيارة المفتي هذه للصومال كانت هي الأولى من نوعها منذ فترة طويلة!