وقائع المؤتمر العلمي الرّابع حول الدّستور  والهوية في الصومال: الإشكالات والمعالجات

 

في حفل حضره وزراء ونواب في الحكومة الفيدرالية الصومالية والقيادات العلمائية والاجتماعية والنسائية، وجمع كبير من المهتمين والمعنيين بالمؤتمر من مثقفين وباحثين، انطلقت عند الساعة التاسعة وخمس أربعون من صباح يوم الأربعاء الـ 30/أكتوبر_تشرين الأول/2024م، الحفل الافتتاحي لفعاليات المؤتمر العلمي الرابع الّذي عقده مركز المقاصد للبحوث والدّراسات بعنوان: الدّستور  والهوية في الصومال: الإشكالات والمعالجات، وذلك في قاعة المؤتمرات بفندق الجزيرة في مدينة “مقديشو” عاصمة الصومال، وبتقديم من الإعلامي الأستاذ سليمان آدم أبو تيم.

استُهلّ الحفل بآيات من القرآن الكريم، تلاها على مسامع الحضور، الشيخ القارئ عبدالرّشيد آدم إسحاق، ثم بكلمة ترحيبية، قدّمها الدّكتور عبدالكريم مكاوي من فريق المركز،  والّذي رحّب بالحضور من الضيوف والمشاركين من داخل البلاد وخارجها، وعلى المستويين الشعبي والرّسمي، ثم تطرّق الدّكتور عبدالكريم إلى التعريف بمركز المقاصد الّذي يُجمع نخبة المجتمع لبحث القضايا في البلاد، مشيرا إلى أنه أحد المراكز الخمسة في هذا المجال، على مستوى العالم.

وعبّر السيد عبدالكريم عن سعادته وسعادة المركز بانعقاد المؤتمر العلمي الرابع تحت عنوان: الدّستور والهوية في الصومال: الإشكالات والمعالجات، الّذي هو الثاني من نوعه على المستوى العالمي منذ 1989م.

وفيما يتعلّق بالبحوث والأوراق العلمية المقدّمة إلى هذا المؤتمر، فذكر أنها كانت كثيرة جدا، لكن اُختير منها 17 بحثا علميا حول مختلف محاور عنوان المؤتمر.

تحدّث الأستاذ الدّكتور محمود حسين عيسى (ليبان) باسم العلماء، فكشف الغطاء عن أهمية موضوع المؤتمر، وأهمية البحوث العلمية في هذا المجال، موضحا أن الدّستور تراث أصيل في الإسلام، لكن قد يكون المصطلح جديدا غير أنّ المعاني أصيلة في الإسلام، وضرب مثالا لذلك وثيقة المدينة، وحفظ العهود والمواثيق، ومراعاة العقد بين الحاكم والمحكوم، وما إلى ذلك.

وأشار السيد الدكتور ليبان إلى أن نجاح الدّستور مرهون بتفاعله مع المجتمع، مؤكّدا في الوقت نفسه أهمية مراجعة الدّستور من منظور إسلامي ومقاصدي.

وفي ختام كلمته تمنى الأستاذ الدّكتور ليبان النجاح للمؤتمر، وللقادة والنخبة المثقفة الاستفادة من خلاصات المؤتمر، مجددا الشكر للمركز على اختياره لهذا العنوان لمؤتمره السنوي الرابع.

وفي كلمته أمام الحفل، جدّد الأستاذ الدّكتور محمد شيخ أحمد الحسني، النائب في مجلس الشعب بالبرلمان الفيدرالي الصومالي، ورئيس أمناء مركز المقاصد، التحية والتّرحيب بالحضور، ثم عرّف بالمركز وأهدافه، وبعدها وقف طويلا بالشرح والتبسيط عند عنوان المؤتمر، ومن ثم أفاد بأن المشاركين جاءوا من مختلف الولايات الصومالية ومن اليمن والجزائر، إلى جانب أوراق علمية قدّمت من بريطانيا، بلجيكا، وماليزيا.

وشكر البروفسور محمد شيخ أحمد الحسني، جميع العاملين على نجاح المؤتمر علميا وفنيا وعمليا وماليا، ومن ثم رحب بالسيد فارح شيخ عبدالقادر، وزير التربية والثقافة والتعليم العالي في الحكومة الفيدرالية لإلقاء كلمته بهذه المناسبة ومن ثم افتتاح المؤتمر رسميا.

في خطابه أمام الحضور، حيّا الوزير الجميع بمختلف مقاماتهم ومناصبهم، منوّها بأنه شارك في جميع المؤتمرات العلمية الأربعة التي عقدها المركز على مدار السنوات الماضية.

أشاد السيد الوزير بعنوان المؤتمر، وأشار إلى أن صوماليي المهجر يواجهون أزمة الهوية الصومالية، إذ إن من محددات الهويات وحمايتها هي الإرث والتربية، وهذا ما لا يتوفّر للجيل الصومالي الجديد المولود أو الناشئ في الغربة.

ألمح السيد الوزير إلى أن الدولة الصومالية الحديثة ما بعد الاستعمار، فشلت في الحفاظ على الهوية الصومالية، معلنا في الوقت ذاته أن وزارته (وزارة التّربية) تعمل على تربية الناشئة على الهوية الوطنية، وعبّر عن تفاؤله بنضوج المجتمع في شتى النواحي والجوانب.

وفي ختام كلمته، أعلن السيد فارح شيخ عبدالقادر، وزير التربية والثقافة والتعليم العالي في الصومال عن افتتاح المؤتمر رسميا.

هذا، وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر صاحبه هذا العام معرض للكتاب، عُرض فيه عددا من إصدارات المركز من كتب وبحوث علمية حول مواضيع اجتماعية واقتصادية، نوقشت علميا في أروقة المركز وأنشطته.

كما كانت القضية الفلسطينية حاضرة في هذا المؤتمر نصرة وتأييدا وتوعيةً لكونها القضية المحورية للأمة الإسلامية.

بعد افتتاح المؤتمر رسميا، بدأ تقديم الأوراق العلمية في المحور الأول للمؤتمر: الهوية الصومالية: المفاهيم والمقوّمات والإشكاليات، فكانت الورقة الأولى في هذا المحور، من نصيب الدّكتور عبدالرّحمن عبدالله باديو، مستشار الرّئيس الصومالي للشؤون الدّستورية، فجاءت ورقته بعنوان: “الصومال: هويات متعدّدة (مزدوجة/مركّبة) وأزمات متعدّدة: Somalia: Multiple Identity And Multiple Crisis“: تحدّث فيها عن الهويات الأساسية للصومال (الإسلام، المواطنة، والقبلية) وعلاقتها بالدّساتير الصومالية.

ثم تدرّج الحديث إلى أنواع الهوية التي تشمل الهوية: الشخصية –كالنوع والمهنة والسكن-، الهوية الجماعية أو الثقافية، والهوية الوطنية التي تشمل: العرق (النسب)، الولاء أو الحلف، والاصطناع.

ثم ذكر الدّكتور باديو خلال عرضه للورقة العلمية أن رموز الدّولة الحديثه تتكون من: العَلم، الأناشيد الوطنية، الرمز الوطني، والعملة الوطنية.

واكتشف الدّكتور باديو أن بدوية المجتمع الصومالي ورحلاته وتنقلاته انعكست أيضا على دستور البلاد، حيث وُضع للصومال منذ الاستقلال 4 دساتير هي:

  1. الدستور الأول 1961م
  2. الدّستور الثاني 1979م
  3. الدّستور الثالث 1990م
  4. الدّستور الرابع 2012م

وميثاقين وطنيين هما:

  1. الميثاق الوطني الأول 2000م
  2. الميثاق الوطني الثاني 2004م

فضلا عن عقدين منفصلين بدون قانون معمول في البلاد وهما في الفترة ما بين 1969 – 1979م، والفترة ما بين 1990 – 2000م، مما يدل على أن الدّستور الصومالي متأثر بالخلفية الترحالية للشعب الصومالي.

كما حاول الباحث باديو خلال عرضه للورقة أسباب التنقل في الدّستور الصومالي، فذكر أن من أهم الأسباب تعود إلى فلسفات هذه الدّساتير التي تتصادم مع الموروث الثقافي والدّيني للصومال، أو إلى القصور والتفريط في تطبيق مواد الدّستور.

وفي الختام أوصى الباحث المراكز العلمية والجامعات والمثقفين بالسعي إلى التوفيق بين الإسلام والقبيلة والدّولة الحديثة في الصومال حتى يعم الاستقرار التام في ربوع البلاد.

وبعد استراحة صباحية قصيرة للاستجمام وتناول بعض المرطبات والمنشطات، استُؤنف أعمال المؤتمر، بكلمة للسيد الدّكتور علمي محمود نور، وزير الأشغال العامة والإسكان في الحكومة الفيدرالية الصومالية، تحدّث فيها عن أهمية موضوع المؤتمر، الّذي تناوله بطريقته الخاصة، متحدّثا عن أنواع الرابطة الاجتماعية داخل المجتمع الصومالي المتمثلة برابطة الدّم والقرابة (الأسرة والنسب العائلي)، الجوار، الحلف والولاء (المشاركة على الماء)، والمصالح المشتركة.

وأشار السيد الوزير في كلمته إلى مهدّدات وجود الأمة الصومالية التي سماها بثلاثية انقراض الأمة الصومالية وهي: الفهم الخاطئ للدّين، الاستخدام السلبي للقبيلة، وعدم الحفاظ على البيئة.

واستعرض السيد الوزير أثناء كلمته عددا من الأمثال والأشعار والحكم الصومالية السائرة في مجال إصلاح المجتمع والإبقاء على تماسكه ووحدته، مما شدّ انتباه الحضور والمشاركين.

قدّمت الدّكتورة فاطمة شيخ محمد حوش، الورقة الثانية في هذا المحور، وكانت بعنوان: الإشكالية النفسية والاجتماعية التي تواجه الهوية الصومالية: مقاربات سيكولوجية سوسيولوجية، عرضت فيها بشكل مسهب الإشكالات النفسية والاجتماعية، موضحة أن الإشكالات النفسية تشمل: التحولات النفسية في الشخصية الصومالية متمثلة في: الانعزالية، العدوانية، والاغتراب النفسي، كما ذكرت أن الهوية المتفرّدة، الصراع النفسي بين الهوية المركبة، والتوجّس النفسي من الهوية الوطنية، من الإشكالات النفسية التي تواجه الهوية الصومالية.

بينما لخصت الإشكالية الاجتماعية في: الخلط بين الهويات الجامعة والشخصية الحضارية للمجتمع الصومالي، فقدان العدالة الاجتماعية، غياب تعزيز “الأنا” الاجتماعية بسبب هشاشة النسيج الاجتماعي، تنامي النزعة الفردانية، اختزال الهوية (المحاصصة القبلية بنظام 4،5)، قصور الوعي الوطني، ونمط العيش للمجتمع الصومالي إذ كلما زاد التنقل كلما قلّ التكيّف في المجتمع.

وأضافت أن هناك إشكالية الانتماءات الاجتماعية المتعددة التي تتمثل في التطورات التي تقدّم لهذا التعدد الانتمائي ومحاولة تذويبها.

وفي فقرة ترويحية، تقدّمت كل من الدّكتور فاطمة شيخ علي أحمد، والأستاذة هبة حاج، من لجنة العلاقات في المركز، إلى المنصة، فتناولت الدكتورة فاطمة التعريف بالمركز بدءا من تأسيسه في 2012م، وانطلاق أنشطته بشكل رسمي في 2019م، مرورا بأهداف المركز الشاملة للبحوث والدّراسات العلمية وتوسيع أنشطته، وصولا إلى الحديث عن الهيكل الإداري للمركز والمتكون من مجلس أمناء يضم 6 أشخاص، وهيئة استشارية، ثم المجلس الإداري المتكون من رئيس المركز، الأمين العام، أمين البحوث والتّدريبات، الأمين المالي، وأمين العلاقات الاجتماعية، وانتهاء بالحديث عن إصدارات المراكز وإنتاجاته وأعماله المتضمنة لـ إطلاق برنامج الدّبلوم العالي وتصحيح المفاهيم وتقريب المقاصد إلى الأفهام.

بدورها تحدّثت الأستاذة هبة حاج أن المركز من المجتمع وإليه، فكرة وتنفيذا ودعما ماليا واقتصاديا وفكريا، معلنة فتح الأبواب لكل من يدعم المركز ماليا واقتصاديا وفكريا، وحثت التنافس على ذلك والمسارعة إليه.

أما الورقة الثالثة والأخيرة في هذا المحور فكانت من نصيب الشيخ الدّكتور نوح عبد غافو، وكانت بعنوان: أهمية اللغة العربية وثقافتها الإسلامية في ترسيخ الهوية الصومالية، عرض فيها موقع اللغة العربية في مواد الدّستور الصومالي وترسيخها على ضوئه، وجهود مشروع التعريب، ومرجعية المبادئ الإسلامية في الدّستور الصومالي.

وبعد انتهاء الشيخ الدّكتور نوح عبد غافو من تقديم ورقته العلمية حانت لحظة استراحة صلاة الظهر ووجبة الغداء، ثم انطلقت فعاليات المؤتمر بأولى ندوات هذا اليوم والتي كانت حول عنوان المحور الأول للمؤتمر، أدارها الأستاذ محمد عبدالله جوسار، وتحدّث فيها كل من الشيخ الدّكتور نوح عبد غافو، والدّكتورة فاطمة  شيخ محمد حوش،  نوقش خلالها الحلول المقترحة لتقعيد الهوية الوطنية الصومالية، وسبل تفادي التصادم بين الهويات المركبة لدى الصوماليين والموازنة بينها، وصناعة هوية وطنية جامعة مشتركة.

ثم فُتح المجال للحضور الّذين أثرو الجلسة بالتعليق والاستفسار وطرح مواضيع وقضايا ساخنة حول الهوية الصومالية، فذكر الأستاذ سالم سعيد سالم في مداخلته أن الإنسان الإفريقي المسلم يعاني من أزمة هوية بسبب سعيه للتوفيق بين مخلّفات الاستعمار وإرثه، الثقافة الأفريقية، والدّين الإسلامي.

أما الشيخ علي وجيز عضو هيئة علماء الصومال، فنفى وجود صراع بين اللغة الصومالية واللغة العربية، بل أكّد أن هناك تكامل بينهما بسبب الثقافة الإسلامية، مما يعني أصالة اللغة العربية في الثقافة الإسلامية، ثم أشار الشيخ إلى أن انتعاش اللغات وانكماشها يعود إلى أسباب منها: قوة الدّولة وقدرتها على نشر اللغة، وتأثير العلماء وأهل الدّين.

بدوره، قدّم الدّكتور محمود حمودة صالح، شرحا بسيطا لمستويات الهويات من هويات جامعة كالدّين الإسلامي واللغة العربية، ومن ثم الهويات القطرية أو الوطنية، وأخيرا الهويات المفرّقة مثل الحزب، الإقليم، والقبيلة.

وبانتهاء هذه النّدوة، انتهت فعاليات المحور الأول من محاور المؤتمر، وشُرع مباشرة في المحور الثاني الّذي كان بعنوان: الدّستور الصومالي: النّشأة .. التطور .. الفلسفة .. والتحدّيات، فكانت الورقة الأولى منه، الرابعة في المؤتمر بعنوان: قراءة في نظام الحكم في الممالك والإمارات والسلطنات الإسلامية في القرن الأفريقي ما قبل الدّساتير الحديثة، قدّمها الأستاذ طاهر عمر، وتناول فيها تاريخ نشأة هذه الممالك والإمارات والقوميات التي حكمتها من الصوماليين والعفر والأورومو.

وأما نظام الحكم في هذه المماللك والإمارات فقد أشار الأستاذ طاهر إلى أنه كان نظاما وراثيا، يتّخذ من: العدالة والشورى وفصل السلطات واستقلال القضاء، قيما ومبادئ أساسية.

وبعد هذه الورقة، تفرّق المجلس لاستراحة صلاة العصر وكوب العصرية لتجديد النشاط وقتل الرتابة والملل، ثم عاد الحضور إلى القاعة ليستأنف المؤتمر أعماله بتقديم الورقة العلمية الثانية في هذا المحور، الخامسة في المؤتمر، والمعنونة بـ: التطوّر الدّستوري في الصومال: مفهومه، ونشأته، ومصادره، (دراسة تحليلية)، ناقش فيها الأستاذ عبدالقادر عثمان عبدالسلام، الجذور اللغوية لكلمة الدّستور، ومحوريته في إصلاحات الدّول المتأثرة بالحروب، ومكانته السامية في النظام القانوني للدّولة، وتبيينه لشكل الدّولة فيما إذا كانت مركزية أو فيدرالية أو ملكية.

ثم تطرّق إلى طرق وضع الدّساتير وأنها على طريقتين: ديمقراطية، وغير ديمقراطية، وإلى أنواع وهيئات وضع الدّساتير.

وأوضح الأستاذ عبدالقادر خلال عرضه للورقة، أن تاريخ تدوين الدّستور الصومالي يعود إلى عام 1949م.

وفي ختام ورقته العلمية، أوصى الأستاذ عبدالقادر بضرورة توافق الدّستور مع مقاصد الشريعة الإسلامية.

أما الورقة الثالثة في هذا المحور، والسادسة في المؤتمر، فكانت بعنوان: مكانة (موقع) الشريعة الإسلامية في الدّساتير الصومالية Maqaamka Shareecada Islaamka Ee Dastuurada Soomaaliyeed، أوضح فيها الأستاذ عبدالقادر محمد شي لله، موقع الشريعة الإسلامية في الدّساتير والمواثيق الوطنية الصومالية منذ الاستقلال وحتى التعديلات الدّستورية في 2024م، فذكر في ورقته العلمية أن دستور 1961م، رفع الشريعة الإسلامية نحو مقام عال، حيث ثبّت في مواده بأن الإسلام هو دين الدّولة وأن الشريعة الإسلامية مصدر أساسي للتقنين والتّشريع، غير أن هذا الدّستور لم يتطرّق في مواده إلى مسألة اللغة.

أما دستور 1979م الّذي وضعه العسكر، فقد خفّض من منزلة الشريعة الإسلامية في الدّستور واكتفى فقط بالمادة التي تنص على أن الإسلام دين الدولة، وأزال المادة التي تثبت مصدرية الشريعة الإسلامية، لكنه تطرّق إلى موضع اللغة ونص على أن اللغتين العربية والصومالية هي اللغة الرسمية في البلاد.

لكن استدرك العسكر خطأهم، فنص دستور 1990م، بأن الإسلام هو دين الدّولة، وأن الشريعة الإسلامية مصدر مهم في وضع القوانين، وأنه لا يمكن نشر دين في البلاد غير الدّين الإسلامي، وأقرّ باللغة العربية.

أما الميثاق الوطني في 2000م، فقد ارتفعت مكانة الشريعة الإسلامية فيه، حيث نص بأن الإسلام هو دين الدّولة، وأن الشريعة الإسلامية مصدر أساسي للقوانين والتّشريعات، وأنه لا يُصدر تشريع مخالف للإسلام، ولا ينشر في البلاد دين غير الإسلام كما لا ينشر فيه الأفكار المخالفة للإسلام.

لكن في وثيقة 2003م، تراجع دور الإسلام من مرتبته في الميثاق الوطني 2000م، إذ نصت وثيقة 2003م على أن الإسلام هو دين الدّولة، وأن الشريعة الإسلامية مصدر للتّشريع، وأن العربية والصومالية يشكّلان معا اللغة الرسمية في البلاد، بينما تكون الإنجليزية والإيطالية اللغة الثانية.

وفي دستور 2012م، ارتفع مقام الشريعة الإسلامية فيه، فنصّ على أن الإسلام هو دين الدّولة، وأنه مصدر أساسي للتّشريع، وأن الشريعة الإسلامية هي أسمى القوانين في البلاد، ولا يمكن إصدار تشريع مخالف للإسلام وأن العربية هي اللغة الثانية في البلاد.

وفي تعديلات 2024م، فقد أضيفت فيها تعريف الجمهورية الصومالية بأنها دولة مسلمة سنية على المذهب الشافعي.

وبناء على ذلك، فقد توصّل الباحث إلى أن الشريعة الإسلامية، حظيت بأسمى مقامها في الدّساتير الصومالية، في التعديلات الدّستورية لعام 2024م، ثم في دستور 2012م، ثم في دستور 1990م، ثم في 1960م، بينما سجّلت أدنى حضور لها في دستور 1979م.

قدّم القاضي الأستاذ محمد عمر أحمد، الورقة العلمية السابعة في المؤتمر، الرابعة في المحور، وكانت بعنوان: الدّستور كآلية لبناء السلام والمصالحة في مجتمعات ما بعد الصراع: قراءة في الدّستور الصومالي المؤقّت، تناول فيها الباحث مفهوم الصراع وأطرافه وخلفياته وأسبابه ونظريات الصراع في أفريقيا.

كما تحدّث فيها عن المصالحة والدّستور، وفترات فشل الدّولة الصومالية وعوامل انهيارها وسقوطها المتمثلة بالفساد، الانقلاب، تقليص الحريات، تقليص المشاركة السياسية، محاربة الهوية الإسلامية، الظلم بكلّ أنواعه، والتدخّلات الخارجية.

ثم عرج الأستاذ القاضي إلى الحديث عن المعالجات الدّستورية مثل تعزيز حقوق الإنسان، التصالح مع الهوية الإسلامية، والتّخلّص عن مظاهر الدّولة العسكرية.

واختتم الأستاذ القاضي عرض ورقته العلمية بتقديم عدد من التوصيات منها: ضرورة فهم روح الدّستور، ودراسة العقبات التي تحول دون تفعيل مبادئ الدّستور التي تعزز المصالحة، وتفعيل الأجهزة والهيئات التي تخدم المصالحة وآليات فض النّزاع وحل الصراعات.

ثم أتيح المجال للأستاذ برهان آدم، رئيس اللجنة الدّستورية الّذي قدّم تنويرا عن التعديلات التي تجرى على الدّستور الصومالي في 2024م، معربا عن منطلقات هذه التعديلات المتمثلة في المصالحة السياسية (عقد سياسي أو الاتفاقيات السياسية) المشاورات، والبحوث والدّراسات العلمية.

وأشار السيد الأستاذ برهان إلى أن أهم التحدّيات والعقبات التي واجهت التعديلات كانت تتمثل في تحديد سن البلوغ، حيث أثير حول هذا الموضوع جدلا واسعا، ولم يُحسم بعد.

وبعد ذلك، انعقدت الندوة العلمية الثانية لليوم الأول من المؤتمر، وكانت بعنوان المحور الثاني: الدّستور الصومالي: النّشأة الفلسفية والتحدّيات، أدارها الأستاذ محمد أحمد دوغو، وبمشاركة كل من: الدّكتور عبدالقادر عثمان، الأستاذ عبدالقادر شي لله، الأستاذ طاهر عمر، والأستاذ محمد عمر أحمد، ناقشوا فيها الموضوع من محاور متعدّدة، وقدّموا إضافات وزيادات وتفسيرات لتساؤلات الحضور واستفساراتهم حول موضوع الندوة التي كانت آخر فعاليات اليوم الأول من المؤتمر العلمي الرابع الذّي نظّمه مركز المقاصد والبحوث والدّراسات هذا العام تحت عنوان: الدّستور والهوية في الصومال: الإشكالات والمعالجات.

 

وقائع المؤتمر في اليوم الثاني:

وفي صباح يوم الخميس الـ 31/أكتوبر تشرين الأول/2024م، تواصلت أعمال المؤتمر التي انطلقت عندالساعة الثامنة صباحا وخمسون دقيقة، وبتقديم من الأستاذ سليمان آدم أبو تيم، مفتتحة بتلاوة آيات من ذكر الله الحكيم، تلاها على مسامع الحضور، الشيخ القارئ عبدالرشيد إسحاق آدم.

عرض الأستاذ محمد عبدالله محمود، أولى الأوراق العلمية في اليوم الثاني وفي المحور الثالث: المبادئ والقيم في الدّستور الصومالي: المفاهيم والإشكالات.

تحدّث الأستاذ محمد عبدالله في ورقته المبادئ والقيم في الدّستور الصومالي: المفاهيم والإشكالات، عن القيم العليا الموجهة للدّستور المتضمنة للمقاصد العامة للشريعة الإسلامية، ومبادئ الدّستور الفيدرالي، الدّيمقراطية وحكم الشعب وتداول السلطة، والمواطنة ومحدّداتها في الدّستور كالحقوق والحرّيات الأساسية، الحقوق والحريات بين الشريعة الإسلامية والمعاهدات الدّولية. كما أشار إلى أنه من المبادئ الإسلامية الموجّهة للدّستور الشورى والعدل.

ثم تقدّم الدّكتور حسين عبدي علمي بتقديم الورقة العلمية الثانية في اليوم الثاني وفي المحاور الثالث، وكانت بعنوان: المبادئ والقيم في الدّستور الصومالي المؤقت: المفاهيم والإشكالات، استفاض فيها بالحديث عن القيم العليا الموجهة للدّستور الصومالي المتجلية في مبادئه الأساسية المتمثلة في: العدالة، المساواة، حماية حقوق الإنسان. والمقاصد العامة للشريعة الإسلامية التي تجلت في كون الإسلام دين الدّولة والاهتمام بالكليات الخمس والحقوق في الباب الثاني، والنظام الفيدرالي في الدّستور الصومالي من حكومة مركزية وولايات إقليمية والنظام الفيدرالي اللامركزي الإسلامي، والدّيمقراطية وحكم الشعب وتداول السلطة في الدّستور الصومالي المؤقت، وقضايا المرأة وكيف عالجها الدّستور، بمنحها حقوقا سياسية، وحقوق العمل والمساواة في الأجر.

كما تحدّث أيضا عن الظروف المحيطة بنشأة الدّستور الصومالي وما يركّز عليه من إعادة لبناء الدّولة وضمان حقوق المواطنة التي هي صلة بين الفرد والدولة، وتأثير الفكر الإسلامي والغربي والفلسفة الليبرالية على الدّستور الصومالي بإقراره كلا من مصدرية الشريعة الإسلامية والدّيمقراطية.

ثم عُقدت الندوة العلمية الأولى في اليوم الثاني والتي تناقش موضوع المحور الثالث: المبادئ والقيم في الدّستور الصومالي: المفاهيم والإشكالات، شارك فيها كل من الدّكتور حسين عبدي علمي، الدّكتور حسين شيخ محمود هارون، القاضي برهان محمد علي، والنائب البرلماني السيد عبدالرّحمن عبدالشكور ورسمي، ناقشوا فيها بعمق العلاقة بين المبادئ الدّستورية من شورى وتداول سلمي للسلطة، وسلوك السياسيين أو من هم في السلطة، كما تاقشوا أيضا مبدأ الحاكمية ونصوص الدّستور الصومالي إلى جانب مبدأ المواطنة وكيفية التوفيق بين القبلية والمواطنة، والسياسات والإستراتيجيات التي تعزّز المواطنة، بالإضافة إلى معالجة الدّستور الصومالي لمبدأ العدالة الاجتماعية.

وتفاعل الحضور مع هذه الندوة بمشاركات واقتراحات وتساؤلات حول إيجاد آليات حماية الدّستور كالمجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدّستورية، إلى جانب مراجعة الدّستور ومصير القضايا المؤجّلة، والبحث عن مرجعية جامعة للصومال، فضلا عن قضايا سياسية وقضائية حية وواقعية.

ثم صعد المنصة القاضي الشيخ صالح إبراهيم طبلاوي، رئيس المحكمة العليا بالإنابة، حاول في كلمته تعريف الهويات الشخصية والاجتماعية، وعرض مكوّنات الهويات وعناصرها التي تشمل: الدّين، الثقافة، الأرض، المواطنة، والطموح أو التطلعات.

وأكّد الشيخ القاضي أن الهويات تتعدّد ولها مستويات، وأنه ينبغي ترجيح هوية الجامعة أو الأساسية في حال التناقض بين الهويات المركبة.

وفيما يتعلّق بالدّستور الصومالي والهوية، عرّف الشيخ صالح طبلاوي الدّستور بأنه آلية لتفعيل المفاهيم حول الهوية وفروعها ومستوياتها إلى جانب الحقوق والحريات الواردة فيه.

وذكر أن الهدف من الدّستور هو تحقيق العدالة والمساواة ومنح الحقوق والحريات للأفراد والمجتمعات.

وبهذه الندوة، اختتمت فعاليات المحور الثالث من محاور المؤتمر، وقبل انطلاق فعاليات المحور الرّابع، أخذ الجميع وقتا قصيرا للاستراحة الصباحية تجديدا للنشاط، وطردا للملل والرتابة.

وبعودة الحضور إلى القاعة، انطلقت فعاليات المحور الرابع من المؤتمر والمعنون بـ: التأصيل الشرعي لقضايا الدّستور، فعرض الأستاذ عبدالحكيم عبد مؤمن، الورقة الأولى في هذا المحور، والرابعة في اليوم الثاني للمؤتمر، وكانت بعنوان: دور الدّستور في حفظ مقاصد الشريعة العامة: مقصد حفظ الدّين.

تكلّم الأستاذ في ورقته عن أهمية الدّستور ودوره في حفظ الدّين مستشهدا ببعض بنود الدّستور الصومالي المؤقت ومواده.

كما أثار في ورقته بعض جوانب القصور في حفظ الدّين، ومن ثم قارن بين الدّستور الصومالي ودساتير الدّول الإسلامية الأخرى، في جانب حفظ مقاصد الشريعة العامة، مشيرا إلى أن الدّستور الصومالي المؤقت يقع في الخانة المتوسطة التي تجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرّئيسي والأساسي للتّشريع.

وتوصّل الباحث إلى أنه على الرغم من الدّور الإيجابي للدّستور الصومالي في حفظ مقصد الدّين إلا أنه أشار إلى بعض المآخذ المخالفة للشريعة، مثل إلزامية المرأة للعمل، وتقرير الحرية المطلقة، وإهمال الولي في النكاح، وعدم تحديد سنّ الزواج وسنّ البلوغ.

وفي الورقة الثانية في هذا المحور، والخامسة في اليوم الثاني، تحدّث فيها البروفسور محمود حمودة صالح عن أثر الدّين على هوية دساتير السودان (تطبيقا على الفترة من 1953 وحتى 2019م)، مبيّنا فيها العلاقة بين عنوان المؤتمر وهذه الورقة، ومتناولا فيها للهوية الدّستورية في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر.

وقدّم البروفسور محمود حمودة صالح في ختام عرضه للورقة بعض التوصيات المتمثلة في إجراء مزيد من البحوث حول مفهوم الهوية، ومراجعة الدّستور الصومالي وإعادة صياغة بعض مواده، وإكمال بعض القوانين الأساسية، ومراجعة العوامل التاريخية في الدّساتير العالمية.

أما الأستاذ سالم سعيد سالم، فقد استفاض في ورقته العلاقة بين الشريعة وتدوين الدّستور في الصومال  Sharia and Statehood: Examining the Influence of Islamic low on Somali Constitutionalism، الحديث عن التراث الإسلامي والقوانين الدّستورية، وعن حاجة الدّولة الإسلامية إلى دساتير، مقدّما نماذج من القوانين الدّستورية.

ثم انحدر إلى الحديث عن الخلفية التاريخية للدّساتير الصومالية والجهود المبذولة في هذا المجال، فأقرّ بأن الإسلام والعرف الصومالي كانا المرجعية الأساسية للصومال ما قبل الاستعمار، وبالرغم من ذلك فإنه يرى تخفيف الانتقاد الموجه لدستور 1961م، لأن العاملين عليه صمدوا صمودا قويا أمام محاولات طمس الهوية الإسلامية لهذا المجتمع، نظرا للظروف المحيطة بهم، فنصوا في هذا الدّستور أن الإسلام هو المصدر الرّئيسي للتّشريع، وأن يكون رئيس البلاد مسلما، لكنهم لم يوضحوا فيه آليات تطبيق هذه المواد والجهة التي تفسرها، ولا تزال هذه المشكلة قائمة حتى الآن.

لكنه أكّد أن دستور 1979 ابتعد عن الشريعة الإسلامية، بينما تمت أسلمة الدّستور في 2012م بدون آليات.

ثم انعقدت الندوة الثانية لليوم الثاني من المؤتمر، وكانت بعنوان المحور الرابع التأصيل الشرعي لقضايا الدّستور، أدارها البروفسور محمود عيسى ليبان، وشارك فيها كل من الدّكتور محمود حمودة صالح، الأستاذ سالم سعيد سالم، القاضي محمد عمر أحمد، والأستاذ عبدالحكيم عبدي مؤمن.

ناقش المحاورون فيها تناول الدّستور الصومالي بتفصيل غير ضروري لبعض التفاصيل، ومدى إمكانية التوفيق بين التأصيل الشرعي والدّولة الحديثة في الدّستور الصومالي، وكيفية الخروج من الانفصام الواقع بين الدّستور والواقع العملي، ومدى إمكانية صياغة الدستور عبر تقنين الشريعة الإسلامية، وتفاعل الجمهور بالمداخلة والتعليق والاستفسار حول هذه المناقشات.

ثم جاءت استراحة صلاة الظهر والغداء، وبعدها انطلقت فعاليات المؤتمر بمجموعة من الكلمات التي قدّمها بعض الشخصيات المشاركة في المؤتمر، فكانت الكلمة الأولى من نصيب الشيخ بشير أحمد صلاد، رئيس هيئة علماء الصومال، الّذي أشار فيها إلى أهمية الموضوع، وإلى الإشكالات حول الدّستور الصومالي، وما أدّى الفشل السياسي من اختلاط للأوراق، مؤكّدا أن الاستقرار السياسي هو الأمر الأهم في هذه المرحلة.

بدوره، وصف الشيخ علي وجيز في كلمته أمام المؤتمر، الدّستور الحالي للصومال بأنه دستور إسلامي، إذ المقصود من تطبيق الشريعة الإسلامية هو “أن لا يشرع شرع مخالف للشرع الإسلامي”.

كما أشاد في كلمته بجهود المركز والثغرة التي يسدّها، داعيا الجميع إلى تقوية المركز ودعمه ماليا ومعنويا وفكريا.

ثم أتيح المجال للجنة العلاقات في المركز، التي عزّزت بدورها دعوة الشيخ للحضور إلى دعم المركز وتقويته بمختلف السبل والوسائي التي من بينها شراء إصداراته والكتب المتوفرة في المعرض المصاحب للمؤتمر، وقد لقيت هذه الدعوة آذانا صاغية وقلوبا واعية.

وتوالت بعدها الكلمات والخطابات من كل من الدّكتور عبدالقادر غبابا والأستاذ درر سعيد، والسفير عبدالشكور علسو محمود، الأمين الدائم للصومال في الأمم المتحدّة، الّذين تناولوا في كلماتهم جوانب من عنوان المؤتمر، وأشادو فيها بالمركز ودوره الملموس في عرض قضايا الأمة وهمومها، مما يستدعي دعمه والوقوف إلى جانبه حتى يواصل أعماله القيمة المفيدة للصومال حكومة وشعبا.

تفرّق المجلس لاستراحة صلاة العصر، وتناول الشاي وبعض المرطبات لطرد الملل وتجديد النشاط، وشحذ الهمم استعدادا للحفل الختامي للمؤتمر.

وبعد اكتمال عودة الجميع إلى قاعة المؤتمر، وسط جوّ مفعم بالحيوية والنشاط، انطلقت عند الساعة الرابعة عصرا وخمس وعشرون دقيقة، فعاليات حفل مهيب شرّفة فخامة رئيس الجمهورية السيد الدّكتور حسن شيخ محمود بالحضور، فافتتح الشيخ عبدالرّشيد آدم إسحاق الحفل بآيات من كتاب الله العزيز.

ثم قرآ القاضي الأستاذ محمد عمر أحمد البيان الختامي للمؤتمر والّذي جاء فيه: “أن الهدف من هذا المؤتمر هو خلق رؤية جماعية مشتركة بين الشعب والقيادة السياسية والعلمائية والاجتماعية والتقليدية والمدنية في الوقت الّذي تجري في البلاد نقاشات الدّستور وتقوية الدّولة“.

وأن المؤتمر ناقش على مدار اليومين هوية الأمة الصومالية وعناصرها ومكوّناتها مثل الثقافة، والدّين الإسلامي، واللغة، والمواطنة وذلك انطلاقا من تعريف الدّستور لهذه العناصر والتوفيق بينها.

كما نوقش أيضا كيف تصدّى الدّستور للإشكالات التي تبعثر الأوراق وحافظ على الهوية الصومالية وقيمها.

وأكّد المؤتمر على أهمية البنود التالية:

  • الحاجة إلى التوفيق بحذر بين المستويات المختلفة لهويات المجتمع –مثل: الثقافة، الدّين الإسلامي، اللغة، والمواطنة- وذلك تفاديا للتناقضات التي قد تؤدّي إلى الحروب والصراعات المتكرّرة.
  • أن المجتمع الصومالي في القرن الأفريقي مرّ عليه ممالك وإمارات إسلامية انطلقت من فكر سياسي ونظام حكم وقوانين إدارية تستحق الدّراسة ليبنى عليه الدّستور والدّولة الحديثة أو المعاصرة.
  • نجاح جهود المجتمع الصومالي وعلمائه في رفع مكانة الشريعة الإسلامية التي هي العنصر الأكبر في هويتنا، متجلية ذلك في الدّستور الصومالي، بالرغم من وجود الحاجة إلى تشكيل الهيئات المنفّذة للتطبيق الكامل مثل: المحكمة الدّستورية التي لها حق التفسير، وتوضيح دور المؤسسات الحكومية كالبرلمان والسلطة القضائية والتنفيذية في هذا التطبيق والتنفيذ.

وأوصى المؤتمر باستمرارية وتوسيع النقاشات حول الدّستور، والتوفيق بين الهويات، وبناء الدّولة، ونشرها بين شرائح المجتمع وتضمينها في المناهج الدّراسية، مما يستلزم دعم المجتمع المدني والدولة للمراكز البحثية، التي ستلعب دورا كبيرا في إسداء نصح لقيادة البلاد حتى تحتمي بقرارات مبنية على الخبرة والمعرفة.

ثم تحدّث فضيلة الشيخ علي وجيز، في كلمته المقتضبة باسم العلماء، عن جهود المركز المتمثلة بالندوات والمؤتمرات العلمية المتناولة لقضايا حديث الساعة، داعيا في الوقت نفسه الجميع إلى دعم المركز والوقوف معه.

بعدها اعتلى المنصة البروفسور محمد شيخ أحمد الحسني، رئيس مجلس الأمناء في المركز، الّذي رحّب بالرئيس على المنصة ليلقي كلمته حول هذا الحدث العظيم.

في كلمته بهذه المناسبة، أشاد فخامة الرئيس الصومالي السيد الدّكتور حسن شيخ محمود بالمركز وجهوده، ودعا إلى توسيع أعماله وإيصاله إلى أكبر عدد من المجتمع، عبر استخدام وسائل مختلفة مثل الإذاعة والتلفزيون لتصل رسالة المركز إلى أكبر عدد ممكن.

واستفاض الرئيس في كلمته بالحديث عن الأمراض الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الصومالي في الدّاخل والخارج، حيث وقف كثيرا عند أضرار المخدّرات، فدعا العلماء إلى لعب دورهم في الحرب على المخدّرات لما لهم من مكانة محترمة في المجتمع الصومالي.

ثم تطرّق إلى النقاشات الساخنة الدّائرة حول قانون المواطنة، ونبّه على ضرورة فهم مرجعيتنا وتطبيقها على الواقع المعاش.

وبانتهاء كلمة الرئيس انتهت فعاليات المؤتمر الّذي اقترح فيه الحضور بعقد جلسة أو جلسات حوارية حول تحديد المرجعية الصومالية، إجراء بحوث ودراسات حول الإشكاليات المحيطة بالهوية الصومالية، وعقد مؤتمرات وإجراء بحوث علمية تناقش بعمق وتفصيل الإشكاليات في الدّستور الصومالي الحالي وطرق معالجتها.

هذا وقد انفض المجلس العلمي المنعقد في قاعة المؤتمرات بفندق الجزيرة، بعد تسليم فخامة الرئيس حسن شيخ محمود، جائزة المركز للأستاذ حسن حاج عبدالصمد، الأمين العام للمركز، تقديرا لجهوده المتفانية في نجاح المركز وأنشطته، والتقاط بعض الحضور صورة جماعية مع فخامة الرّئيس حسن شيخ محمود.

 

Share:

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn