في مساء يوم الخميس 19 مارس 2020م الموافق 24 رجب 1441هـ، نظم المركز حلقة نقاش حول صرف العملات الأجنبية إلكترونيا (فوركس) مسلطا الضوء على مفهوم هذا النوع من التجارة، وتكييفها الفقهي، وآثار ها الاقتصادية، وأوضاعها القانونية، وذلك بفندق سفاري في مقديشو
وقد استمرت حلقة النقاش لمدة ساعتين بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين والمتخصصين والمهتمين بتحليل مثل قضايا (فوركس) ودراسته.
الهدف من حلقة النقاش: كان الهدف من هذا النقاش تشخيص الصورة الحقيقية لكيفية ممارسة (فوركس) في الصومال، وتحديد أبعادها القانونية والتكنولوجية، والأمنية، وآثارها الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وتكييفها الفقهي.
وقسمت حلقة النقاش إلى عدة محاور، كل محور على شكل ورقة بحثية يعرض الباحث فيها جانبا من الموضوع المخصص له، ثم تم بعد ذلك فتح المجال للمعلّقين والمعقّبين.
محاور النقاش:
المحور الأول: مفهوم الفوركس ومصطلحاته: تقديم/ الأستاذ على محمد شيخ إبراهيم
قدّم الأستاذ في ورقته العلمية نموذجا تقريبيا لهيكل شركات (فوركس) موضحا أنها تتكون من أطراف متكاملة، وأهمها: الطرف الأوّل: العاقد الذي يشمل المستثمر أو الزبون، والسمسار أو الوسيط المالي، والمقرض الّذي قد يكون في بعض الحالات السمسار نفسه وقد يكون طرفا آخر غير السمسار، والبائع. والطرف الثاني: المعقود عليه والّذي يشمل المبالغ المالية التي تكون حصة كلّ من المستثمر والبائع والسمسار أو الوسيط المالي.
المحور الثاني: فوركس في منظور اقتصادي: تقديم د/ بشير عبدالصمد حريد
ذكر الدكتور بشير في ورقته العلمية أن أهداف صرف العملات الأجنبية تتلخص في تسهيل التبادل التجاري فقط، وأن العملات الورقية بحدّ ذاتها لا تمثل الاقتصاد الحقيقي، مشيرا إلى أن الاتجار بصرف العملات وحده قد يؤدّي إلى تعطيل الإنتاج الاقتصادي.
وفيما يتعلّق بتأثيرات (فوركس) على الاقتصاد الوطني فقد ذكر الدكتور بشير بأن هذه التجارة قد تؤثّر سلبا على الاقتصاد الوطني إذ إن ممارستها قد تؤدّي إلى:
- تعطيل الإنتاج الاقتصادي الحقيقي للبلاد.
- فقدان النقود المالية لوظيفتها الأساسية.
- ندرة السيولة النقدية في البلاد.
- الركود الاقتصادي في البلاد
المحور الثالث: الواقع القانوني لشركات (فوركس) في الصومال: تقديم/الأستاذ عبد القادر عمر كاتب ، تعقيب : الأستاذ عبد الحق عمر محمد
قدّم الأستاذ عبدالقادر كاتب ورقة بحثية عن الأوضاع القانونية لشركات (فوركس) في كل من الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وتركيا، وقبرص، والإمارات العربية المتحدة، مشيرا إلى أنه وجود هيئات رقابة ومراكز علمية ومؤسسات قانونية تتولى تنظيم هذه السوق ومراقبتها والإشراف عليها، وعلى النقيض فإن السوق الصومالية لا رقيب ولا خبير ولا مؤسسات حكومية تعنى بهذا الملف.
وأضاف الأستاذ بأن إجراءات التسجيل الحالية غير كافية حيث يتم تسجيلها فقط لدى وزارة التجارة، بل عليها التسجيل لدى البنك المركزي، و يجب تطبيق كافة التشريعات المالية عليها مثل قانون المؤسسات المالية، وقانون مكافحة غسيل الأموال، واللوائح التنفيذية المخصصة لأي مؤسسة مالية في البلاد.
وفي تعقيبه للوضع القانوني لشركات الفوركس في الصومال توسع الأستاذ عبدالحق عمر محمد في استعراض الإجراءات القانونية والتشريعات المالية التي يجب أن تراعيها المؤسسات المالية في البلاد، مستشهدا بفقرات من الدستور ومواده القانون، وموردا بعض النماذج والأمثلة.
المحور الرابع: أثر شركات (فوركس) العاملة في الصومال على الأمن القومي: تقديم/ الأستاذ عبد الحكيم فري
قدّم الأستاذ تصورا واضحا عن مفهوم الأمن القومي الّذي هو الحماية القانونية التي توفرها الحكومة لشعبها، مما يوجب التعاون والتنسيق فيما بين الحكومة والبنك المركزي والبنوك الأخرى لمواجهة الأزمات المالية التي قد تؤثر على الأمن القومي.
وأشار الأستاذ إلى جملة من الآثار السلبية لتجارة الفوركس في الصومال، حيث أكّد أنها قد تؤدي إلى ضعف القوة الشرائية مما يؤدّي إلى ركود اقتصادي قد ينجم عنه أزمة أمنية تتمثل في التفكك الاجتماعي وظهور أو تنامي المنظمات التخريبية مما يؤثّر سلبا على الأمن القومي للبلاد.
المحور الخامس: التكيف الفقهي لعمل شركات (فوركس) العاملة في الصومال: تقديم /الأستاذ محمد عمر أحمد.
أورد الأستاذ مجموعة من الآراء الفقهية والفتاوى الصادرة تجاه هذه التجارة، مشيرا إلى أن العلماء اختلفوا في الحكم الشرعي لهذه التجارة، فمنهم من أجاز، ومنهم من منع، وذلك لما تتضمنه هذه التجارة من إشكالات ومحاذير شرعية منها: غياب قبض فعلي في الحال، وغموض دور الوسيط المالي وفيما إذا كان وكيلا للبائع أو للمستثمر أو لكليهما، كما أن الرافعة المالية التي هي ركن من أركان هذه التجارة قد يعتبرها البعض بأنها نوع من أنواع الربا، إذ الظاهر فيها بأنها قرض جرّ نفعا، وهناك قاعدة تقول بأن كلّ قرض جرّ نفعا فهو ربا، والربا محرّم في الشريعة الإسلامية، ولعلّ الجهات التي أصدرت الفتاوى بتحريم هذه التجارة اعتدت بهذه المحاذير الشرعية الموجودة في هذه التجارة.
وفي الختام اقترح الأستاذ محمد عمر أحمد، على العمل معا من أجل إزالة هذه المحاذير والإشكالات الشرعية لكي تتمكن مجتمعاتنا من مواكبة هذه التجارة الجديدة التي قد تكون وسيلة من وسائل التنافس مع العالم الغربي.
المداخلات:
بعد أن قدم المتحدثون أوراقهم أتيحت الفرصة لمداخلات وتعليقات الحاضرين، فكانت مساهماتهم قيمة نذكر منها ما يلي:
- د. هارون شيخ حسن: والّذي أشار إلى أن هناك فرق بين (فوركس) العالمي وشركات (فوركس) العاملة في الصومال، لأن (فوركس) العالمي لديه ربح وخسارة، بخلاف الكثير من مثيلتها في الصومال التي لديها ربح مضمون ومقدر لكل شهر، لذا يجب التفريق فيما بينهم.
- شيخ صالح طبلاوي: نوه وأكد على أنه لا يمكن إطلاق اسم (فوركس) على الشركات المحلية، بل هو جنون وحيرة تساور العاملين في هذه المعاملات بغرض نهب أموال الناس، إذ إن غالبية العاملين في هذه الشركات من فئة الشباب، وقلّما تجد في هذه المكاتب شخصيات تتصرف بمسؤولية واقتدار.
- أستاذ مسعود وهلية: هذه المعاملات الموجودة في الصومال هي خليط بين مبادئ الفوركس العالمي والمزاج الصومالي (فوركس بنكهة صومالية).
- أستاذ موليد متان: إن معظم شركات (فوركس) العاملة في الصومال لا تتوافق مع شركات الفوركس الحقيقية في العالم، مشيرا إلى أن العاملين فيها لا يجيدون حتى شرح طريقة عمل شركاتهم، وهذا ما يبعث على القلق والخوف لدى البعض ممن يشكّكون في حقيقة هذه الشركات.