أجرى الحوار معه محمد عمر أحمد مساء الإثنين 12/ربيع الأول 1427هـ 10/04/2006م في مقر إقامته بفندق هروسى بمدينة بوصاصو:
ولادة الشيخ ونشأته:
الاسم نور بارود غورحان Nuur Baaruud Gurxan
ينتمي الى عشيرة عبدله Reer cabdille الأجادينية, ومن محافظة قرحي وعاصمتها قبردهرّى.
ولد الشيخ في بادية شيكوش تقريبا عام 1950م في الثامنة من العمر أتي به للعلاج في بيداوة وأصابه مرض في عينيه ادى به الى فقد البصر أخيرا .
طلبه للعلم ودراسته:
وقد عاش في بيداوة مع عمته وهناك التحق بالكُتَّاب ، رجع بعد فترة إلى البادية الأصل ثم توجه إلى مقدشو وبدأ بدراسة العلم الشرعي في حلقات المساجد ثم التحق بعد اجتياز الاختبار التقويمي بمعهد التضامن الإسلامي برعاية رابطة العالم الإسلامي وباشراف الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في سنة 1971م وكان المعهد يقدم للطالب مكافأة ماليَّة قدرها 90 شلنا وكانت تكفي عيش الطالب وأكثر من الكفاية ، كما كان يدفع للطالب أيضا كتب المقرر وحوافز أخرى متنوعة, وكان المعهد ذا تأثير قوي في الساحة ، وعاداه المشائخ التقليديون وحين أمَّمته الحكومة 1972م انتقل الشيخ نور إلى المعهد الديني الأزهري الذي عرف فيما بعد بمعهد الشيخ صوفي وتخرج من الثانوية عام 1974م فعيِّن واعظا في وزارة العدل والشئون الدينيَّة .
جهوده الدعوية:
تحدث الشيخ رحمه الله عن تلك الفترة قائلا :”حين لم أنصع لتوجهات الحكومة ولم أتأثر بالأفكار الاشتراكية مثل كثير من المشائخ لتأثري بدروس معهد التضامن الإسلامي ودروس الشيخ محمد معلم ، بل عارضت كثيرا من السياسات وانخرطت في الدعوة ، فكنت أول من تحدث عن ستر المرأة وحجابها ، وشرعت أجمع النسوة في أحد البيوت وأحاضرهن حتى بدا تأثيرهن في المدينة “.
علاقاته وثقافته:
في تلك الفترة المبكرة من الدعوة تعاون الشيخ مع حركة الأهل التي كان لها يومئد نشاط فقط وظل متعاونا متفاهما معهم دون ان يحيط علما بانهم منظمة سرية.
قال الشيخ: كان عند شباب الأهل نفور طبعي من الفكر السلفي عموما وفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب خاصة ، وكان أكثر شباب الحركة من المتدينين على طريق الصوفية فكانوا ينظرون بعين الريبة كلَّ من درس في معهد التضامن الاسلامي.
اعتقاله وحبسه:
حين اندلعت حملة الاعتقالات التي شملت أكثر الشباب اعتقل الشيخ في 18/مايو 1976م ويومها فر كثير من الشباب إلى السعودية والتحق أكثرهم جامعة الملك عبد العزير في جدة ، وكلية الشريعة في مكة والتي تحوَّلت فيما بعد إلى ( جامعة أم القرى ) ، وكانت الدولة السعودية تتعاطف مع الصوماليين بسبب الحملة الاشتراكية الشرسة التي كان الصوماليون يتعرضون لها وكان ممن فرَّ عبد القادر شيخ محمود الذي قاد جماعة التكفير فيما بعد -حسب تعبير الشيخ نور رحمه الله-.
كان من الذين سجنوا معه عبد الواحد حاشي حسن ، والشريف محمد عبد الله حسين يدير الآن هلال الأحمر الإماراتي ( كان هذا قبل ١٥ عاما) و عثمان عبدلّى روبلى الذي ما زال باقيا في جماعة التكفير- حسب تعبيره- وكان في السجن أيضا بعض المساجين السياسيين كان من بينهم حسين عبد الله عدوين الذي اقتنع بافكار الصحوة داخل السجن .
قال الشيخ: قضيت في السجن سنتين وستة أشهر ، وكان السجن مجرد اعتقال دون اجراء محاكمة إطلاقا ، وتم الافراج في 26/أكتوبر 1978م ..
وهذا يتزامن مع موعد إعدام الضباط الذي دبَّروا الانقلاب العسكري الفاشل ضد سياد برى ففي ذلك اليوم أصدر سياد برى عفوا عاما عن المساجين ليجمع للشعب الصومالي في نفس اليوم المر والحلو وليمتص شيئا من غضبهم فخرج حوالي ثلاثة آلف سجين فالفرقة العسكرية التي نفذت إعدام الضباط جاءونا في السجن وأطلقوا سراح المسجونين.
انتماؤه الفكري:
قال الشيخ : وبعد الافراج من المعتقل انضممت إلى حركة الإصلاح 1978م وكان اسمها الأصلي (جماعة الإصلاح الإسلامية في شرق إفريقيا) لكن الاسم الذي شاع فيما بعد وكان يجري التعامل به مع وسائل الإعلام هو : الحركة الإسلامية.
تحدث الشيخ نور عن بعض الشخصيات التي تركت بصمات جلية في فكر الصحوة وفي مقدمتهم الشيخ محمد معلِّم الذي قال الشيخ عنه :
” بدأ مشواره العلمي في بلاد غرب الصومال ..درس العربية وبعض علوم الشريعة ثم توجه إلى مصر عن طريق السودان وبعد كثير من المتاعب وصل إلى مصر 1959م وتخرج من الأزهر , ووصل دراسته حتى الماجستير قسم العقيدة والفلسفة ثم سجل الدكتوراة وبعدها عاد إلى الوطن الأم عام 1968م شهر إبريل تقريبا كما ذكر لي “.
الشيخ محمد معلم حسن المفسر في حياة الشيخ نور:
وفي رد الشيخ نور على سؤال:
هل الشيخ محمد معلِّم تأثر بالفكر الإخواني أثناء دراسته في الأزهر ؟ وهل كانت له علاقة بالإخوان المسلمين في مصر ؟
أجاب :
لا , لأنني دخلت معه السجن عام 1986م وكان لبقا أليفا يحدث للآخرين وقد أخبرني بذلك لأن الاتصال بقادة الإخوان والانخراط في صفوفهم كان أمرا بعيد المنال، لاسيما لشاب وافد مثلي في مصر، وبعد النكسات المتتالية والمذابح التي تعرضوا لها 1954م و1965م جعلت الجماعة تفقد القيادات والرموز ذوي التأثير.
قال الشيخ: أظهر الشيخ محمد فترة وجوده بمصر طالبا براعة في الطلب وخاصة في فنون اللغة مما مكنه من الانخراط في الأجواء الثقافية ومواصلة الاطلاع, والتاثر بالاخوان عن طريق الاطلاع على منشوراتهم, وترأس جمعية الطلبة الصوماليين في مصر وحين عاد إلى البلاد كان في مقدشو اتجاهان متصارعان اشد الصراع:
الأول: اتجاه يدعو إلى التغريب وينادي بذلك.
الثاني: اتجاه مناصر للعربية والعروبة كانوا يسمون ( pro-carab ) كان في مقدشو آنذاك أيضا منظمة ثقافية تسمت بالنهضة وهي التي بذرت البذرة الأولى لحركة الإخوان في الصومال ، أسسها الشيخ عبد الغني بن الشيخ أحمد والشيخ محمد أحمد غريرى 1966م تقريبا كانت المنظمة تملك مكتبة واسعة عامرة بالكتب وخصوصا كتب المنهج الإخواني امثال في ظلال القرآن لسيد قطب ومجموعة رسائل البنا, وبعض الكتب الأخرى.
وهذه المكتبة جلبها الشيخ عبد الغني من الخارج, وكان موظفا في وزارة العدل ولما يصبح وزيرا بعدُ انذاك.
قال الشيخ نور- رحمه الله-: وقد أخبرني- اي الشيخ محمد معلم- أنه في أيامه الأولى ناصر الاشتراكية ودبج المقالات في صحيفة نجمة أكتوبر مما أكسبه إعجاب أعضاء المجلس الأعلى للثورة ورحَّبوا به وعيَّنوه واعظا في وزارة الشئون الدينية ، مفسرا في مسجد المقام ( عبد القادر ) وكان الشيخ عبد الغني من سعى لذلك.
وكان من نشاط الجمعية المذكورة إعارة الكتب للقرَّاء وتنظيم محاضرة عامة حاشدة في مسجد أربع ركن في مقدشو.
وأيضا الشيخ محمد معلِّم من المتخرجين من الجامعات المصرية ( الأزهر ) ولم يكن عند الناس حساسية من مصر ومثله الشيخ عبد الغني رحمهم الله جميعا..
حين بدأ الشيخ محمد معلم التفسير في مسجد المقام رأى الناس عجبا تفسيرا عذبا بليغا مؤثرا يعرض الواقع بعين النقد مختلفا عما عهدوه من أسلوب .
قال الشيخ نور: “لأول مرَّة يرى الناس مفسرا القرآن الكريم لا يتكلف يقرأ من المصحف بخلاف العلماء قديما حيث كانوا يقرؤؤن التفسير من حاشية الجلالين المعروفة ب ( الجمل) والجلالين أيضا ويخللون به النحو مصبوغا بالجفاف والبعد عن الواقع .
الشباب الذين كوَّنوا حركة الأهل كانوا من المتأثرين بالشيخ – رحمه الله -ومن طلبته لكنهم لم يعلموا الشيخ بذلك .
قال الشيخ نور : ” منذ ذلك الوقت وإلى اليوم كنت أعمل في ظل حركة الإصلاح بعد الحروب الأهلية رجعت إلى الأرض الأم وهناك شاركت في تأسيس حزب التضامن في الصومال الغربي عام 1997 م وهو حزب سياسي يتكون من أعضاء من حركة الإصلاح بل هم القوة الخفية ( المحركة ) وبعض السياسيين من اتجاهات مختلفة.
جماعة التفكير في نظر الشيخ:
وقال الشيخ نور عن الجماعة التي اشتهرت باسم (التكفير والهجرة) قال الشيخ: “.. أول مرَّة سمعت بها -التكفير والهجرة- كنت في سجن (لانت بور) حين اغتال التكفيريون الشيخ الشهير محمد حسين الذهبي – رحمه الله – صاحب كتاب التفسير والمفسرون، وحين أفرج عنا وجدنا الشباب الذين تركناهم منقسمين إلى تكفيريين ومخالفين لهم .
المجموعة التي فرَّت إلى السعودية الذين كان منهم عبد القادر شيخ محمود الذي زار السعودية ودرس فيها وزار الأردن ومصر وعاد إلى الوطن وصرَّح بالفكرة وفي البداية تأثر بالفكرة كثيرون لكنهم فيما بعد تناقصوا جدا، وهؤلاء انقسموا بدورهم إلى شطرين:
الجماعة الإسلامية وأعضاؤها فيما بعد سيكونون الاتحاد الإسلامي والاتجاه التكفيري ,وأصحاب الجماعة الإسلامية كانوا اصحاب فكر إخواني ، وكانوا يعيبوننا بأننا وهابيون ، وحدث فيهم تحوُّل جذري في عام 1981م وكان من الذين أسهموا في تحويل مجرى الجماعة الإسلامية :
عبد الله علي حاشي ، والشيخ محمد جلس، وعبد العزيز فارح محمد وأكثرهم شباب متخرجون من الجامعة الإسلامية في السعودية جاءوا معهم حاوية (كونتينر) من كتب المذهب السلفي مثل :
فتح المجيد وبدأوا يدرسون للأعضاء وللآخرين في مجموعات ويعلمونهم فيما يشبه دورات مكثفة كان رجال الجماعة الإسلامية سعيا لإحداث تغيير جذري في تفكير الجماعة وتحويل وجهتها إلى الاتجاه السلفي.
وفي البداية كانوا يرغبون في تكوين علاقة وتواصل ثم انضمام إلى حركة الإخوان المسلمين العالمية ولكن سبقهم إلى ذلك ( الإصلاح ) فلم يسمح لهم بالقبول إلا أن يلجوا من بوابة الإصلاح ومن قبلهم وكنت حينئذ رئيسا لجماعة الإصلاح في الداخل.
مواقف ومآثر الحركات الإسلامية:
في سنة 1983م جاء وفد أرسله الترابيون ( إخوان السودان ) لتأمين موطئ قدم لهم في الصومال ومنافسة لإخوان مصر وبين البلدين نوع من العداء وتنافس حتى على مستوى الحركة.
قدم عضوان منهم إلى الصومال وقد زاروني في منـزلي وعرضوا عليَّ فكرة توحيد الجماعات الإسلامية فاتصلت بالخارج وعرضت عليهم المسألة فقالوا : نتوقف، وقد نجح الترابيون في توحيد: ( الجماعة الإسلامية ) و ( الوحدة في الشمال ) و( وآل الشيخ ) وكتبوا منهجا وطالت المناقشات وساير معهم الشيخ محمد معلم وأخيرا انقطع في الطريق آل الشيخ الذين انسحبوا وبقي ( الجماعة الإسلامية ) و( الوحدة ) ونجحوا في الدمج بين الجماعتين تحت اسم :الاتحاد الإسلامي برئاسة الشيخ علي ورسمه الذي كان عضوا من الإصلاح سابقا.
قال الشيخ نور -رحمه الله-: ” مرة اخرى سجنت في عام 1986م وكان ممن سجنت معهم : حسن طاهر أويس ، وعبد العزيز فارح ، وعبد الرزاق حسين عيسى وغيرهم الكثير وحكمنا بالإعدام ونقلونا إلى سجن شيلو مورتو ( حبس الموت ) فكنا في انتظار الإعدام أربعة أشهر كاملة ثم خففوا عنا الإعدام إلى السجن مدى الحياة أما سبب الاعتقالات وما تبعها من الحكم بالإعدام فسببه أن بعض الشباب دخلوا مواجهات شديدة مع الشعب والعلماء التقليديين مثل الشيخ حسن طاهر فثارت ثائرة المتصوفة من اهل الطرق واحتشدوا من شتى المحافظات وشكوا الأمر الى الحكومة كانت الجلسات تعقد في قصر مجلس الأمة وتبثها الإذاعات على الهواء فكانوا يتباكون ويقولون :
” إن هؤلاء قالوا إن لله ستة أصابع وهو يجلس على الكرسي..” وأقنعوا الحكومة بأن الوضع خطير يحتاج إلى التدارك مما يتطلب القبض على الشباب وإعدامهم .
وقد جاء لهذا الغرض على الخصوص شيخ الربيعية : محمد ربيع, وكان وزير الداخلية آنذاك أحمد سليمان دفلى من طلبهنتى من أتباع الشيخ محمد ربيع فاحتج عليه الشيخ واستحثه للقيام بضربات موجعه تنسى الشباب الوساوس وتقتيلهم فقبل ذلك وأقنع الحكومة بذلك .
وفي ذلك الوقت لم يبلغ رجال الحكومة من الوعي مستوى يفرقون فيه بين الجماعات الدينية ولهذا شملت الاعتقالات كلَّ النشطين الإسلاميين تقريبا .
قال الشيخ: السلفيون اتخذوا طريق الثورة في تصحيح المسائل العقدية وعرضها, فكانوا يركزون على قراءة كتب معينة تحقق لهم هذا الغرض مثل : فتح المجيد ، وكشف الشبهات ، وركزوا على باب الأسماء والصفات إضافة إلى محاربة الخرافات فهم ظلوا في ثورة وتحفز للصراع حتى انتقل الى المساجد فبدأت حملة تحرير المساجد هذا مما تميّز به السلفيون وهم كانوا أكثر عددا وأعلى شهرة لأن المواجهات التي تنشب بينهم وبين الشعب اقتضت ظهورهم.
أما الإصلاح فكانوا قد التزموا السرية والعمل الهادئ ، والفكر المعتدل ،وتجنب مواجهة المجتمع ، في البداية كان المنطلق والمركز للإصلاح في مقدشو مسجد في منطقة ( معمعانكَ Macmacaanka ) بحي المدينة ثم انتشروا في كثير من المساجد وبعد التسعينات ظهر الإصلاحيون وعرفهم المجتمع ، وبرز علماء كثيرون مثل : قطبي ودسوقي فكان لهم ذلك بمثابة طفرة غير عادية ….
السلفيون بعد انهيار الحكومة وبداية الحرب الأهلية خاضوا حروبا شديدة مع بعض القبائل والمناطق, بينما الإصلاحيون لم ينخرطوا في تلك المواجهات ليس لأن هناك أوامر تعطى لهم من الخارج ( الإخوان الدولي ) بل لأن منهج الإخوان كان واضحا مسطرا في الكتب بآلامه وأحلامه وتجاربه والحروب التي خاضها في مسيرته التي امتدت طويلا والمنهج الإخواني يعتمد على : تربية القاعدة – عدم الثورة والهيجان – وعدم الإتيان على السلطة من فوق.
قال الشيخ رحمه الله: ولو استمر الإصلاحيون بنفس الوتيرة التي ساروا عليها في البداية لغيَّروا من وضع الأمة شيئا كبيرا ولأصبحوا قوَّة من الدرجة الأولى لكن الخلافات التي دبَّت بين أعضاء الحركة أضعفت المسيرة وأفقدتها الفاعلية والتأثير ، وهذه الخلافات لم تكن على أساس قبلي وإنما هناك خلافات من نوع آخر : كإدانة البعض بأن الحركة ( الإصلاح ) قد انحرفت عن الجادة ، وأن هناك تساهل في تطبيق الإسلام – وضعف التدين – ووجود استبداد من قيادة الحركة.
الحركات جزء من المجتمع:
والحركات الاسلامية ليست بمعزل عن امراض مجتمعهم ومن من مشاكل الصومالي ضعف الاستمرارية في المشاريع والجمعيات ولذلك فإن الجماعات الإسلامية آخذه في الاضمحلال والتآكل ,فأرى أنه آن الأوان لظهور دماء جديدة والآن مظلة العلماء يمكن لها أن تملأ هذا الفراغ وهي تجربة جديدة حديثة الولادة فيجب أن تحظى من التأييد ما يجعلها منطلقا لتوحيد الصف
أحداث المحاكم الإسلامية الأخيرة في مقيدشو:
قال الشيخ: هذه الأحداث جديدة على الساحة الصومالية ولنعلم أنه حين انفردت أمريكا بقيادة العالم ظهرت كثير من الشرور التي كانت كامنة وقد قال المولى: ” ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ”
فالأمريكيون يتعاملون مع العالم وكأنهم فوق القانون وواضح أن أمريكا تعادي الحكومة الفدرالية ولا تريد لها أن تقوم إطلاقا كما أن مما يعيقها شح الموارد الاقتصادية لأنها لو امتلكته لاستطاعت إقناع الكثيرين الذين يعادونها على أساس المال ….
الحكومات العربية تعرف نوايا الأمريكان حاليا وأنها لا تريد حكومة في الصومال وهم يراعون خواطر الأمريكان .
وقد قالت متحدثة باسم أمريكا في كينيا بأن أمريكا ستشكل مليشيات تحارب الإرهاب في الصومال وهذا التحالف لعله تلك المليشيات التي جاءت على لسان المتحدثة .
ثورة شعبية تتزعمها المحاكم الإسلامية تقضي على المتنفذين ودورهم مستبعد عندي ولا أعلق عليها كبير أمل لأن الوضع في الصومال ما زال متأزما متخما بالعصبية القبلية ، وخطأ واحد كفيل بأن يحطم الإنجازات الكثيرة التي تحققها المحاكم ، والصوماليون من طبيعتهم الحربائية والتلون في الأفكار أضف إلى ذلك أن المجتمع المدني الذي يبدي التعاطف مع المحاكم الإسلامية حاليا لظرف مؤقت هواه ضد هذه المحاكم وما تمثله من الحكم الإسلامي ، وحين تحق الحقائق فإن المجتمع المدني سيفضل الحكومة الفدرالية والتعامل معهم فرارا من الحكم الإسلامي ، بل إن فئات المجتمع المدني أكثرهم جواسيس, وفي هذا المساء قبل أن تأتيني بعشرين دقيقة تقريبا اتصلت مع أحد الإخوة المطلعين بأن إثيوبيا سلحت محمد عمر حبيب ( محمد طيرى ) ، وعندهم الآن مطار الجزيرة بضواحي مقديشو تهبط فيه يوميا طائرتان.
قال الشيخ رحمه الله: الأحداث الأخيرة قد تنبه العدو ، وتكشف عن قوة المحاكم التي قد تشكل تحديا كبيرا على الأمريكان وعلى الحكومة الفدرالية وهم لا شك بدءوا يحسبون لها حسابا شديدا ويفكرون في طريقة سهلة للتخلص منها وهذه التجربة تذكرنا بتجربة الإخوان المسلمين في مصر حين خاضوا حرب 1948م مع اليهود وظهرت قوَّتهم تآمر عليها الأعداء القريبون والبعداء على السواء ، ورموهم من الأمام ومن الظهر والعدوُّ سيجتهد في المرحلة المقبلة على تأييد المتنفذين الفرقاء , أو تكوين زعماء جدد يتبنَّون مشروع محاربة الإرهاب ، ولهذا لست متفائلا في هذه الأحداث .
(( وفي ليلة الإثنين بعد اللقاء ألقى الشيخ محاضرة بعنوان “وحدة المسلمين” بمسجد الرشيد وقد حضرتها.
مولانا محمد عمر أحمد
قاض بالمحكمة العليا