سلسلة المصطلحات المقاصدية (2)

#سلسلة_المصطلحات_المقاصدية

2_اجتماع_المصالح_______اجتماع_المفاسد

الاجتماع هو المرتبة الأولى لالتقاء المصالح أوالمفاسد، إذ يندرج فيه جميع أحوال تضامّ المصالح والمفاسد جمعا وتساويا وتزاحما وتعارضا، وقد أفرد مصطلحا المصالح والمفاسد بالدراسة في هذ المعجم، وبقي النظر في المعنى الإفرا دي للفظ (( الاجتماع ))، ثم في معناه مضافا إلى المصالح والمفاسد.

#اجتماع_في_اللغة

يدل أصل كلمة الاجتماع على تضامّ الشىء، والاجتماع من جمع الشيء عن تفرقة يجمعه جمعا وجمعه وأجمعه فأجتمع، واجتمع : ضد تفرق، وقد جمعه يجمعه جمعا، وجمّعه وأجمعه فأجتمع، وجمعت الشيء إذا جئت به من هاهنا وهاهنا. وتجمّع القوم: اجتمعوا أيضا من هاهنا وهاهنا، وكل ما تجمع وانضم بعضه إلى بعض جمّاع، وفي حديث ابي ذر: ولاجماع لنا فيمابعد، أي لا اجتماع لنا. يقال: الخمر جماع الإثم أي مجمعه ومظنته، والمجمع: يكون اسما للناس وللموضع الذي يجتمعون فيه والجمع: أن تجمع شيئا إلى ىشيء . والإجماع: ان تجمع الشيء المتفرق جميعا، فالجمع تأليف للمتفرق وضم بعضه إلى بعض، يقال جمعته فاجتمع. #اجتماع_في_القرآن_والسنة وردت ذكر مادة ((جمع)) ثلات مرات في القرآن الكريم، وقال تعالى ( قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله و لوكان بعضهم لبعض ظهيرا ).. الإسراء، 88. وقال سبحانه: ( إن الّذين تدعون من دون اللّه لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له ) الحج:73، وقال جل جلاله: وقيل للناس هل أنتم مجتمعون ) الشعراء، 39. فالجمع يدل على الاجتماع وهو ضم الشيء إلى بعضه البعض، ومنه الأمر الجامع واليوم الجامع الذي يجتمع لأجله الناس. وفي الحديث عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطّأ به عمله، لم يسرع به نسبه).

وعن عمر رضي الله عنه قال: اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في غيرة عليه، فقلت لهن: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت هذه الآية ).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان يعجبه الجوامع من الدعاء، ويدع مابين ذلك )، والمقصود بالجوامع من الدعاء، الأدعية التي تجمع الأغراض الصالحة والمقاصد الصحيحة أو تجمع الثناء على الله تعالى وآداب المسألة. وفي الحديث أن رجلا اتى رسول صلى الله عليه وسلم قال له : أقرئني سورة جامعة، فأقرأه: إذا زلزلت أي أنها تجمع أشياء من الخير والشر لقوله تعالى: ( فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره (7) ومن يعمل مثقال ذرّة شرّاً يره ) الزلزلة:7-8).

#اجتماع_المصالح_في_الاصطلاح_المقاصدي_والمفاسد

ورد هذا المصطلح عند الإمام العز بن عبد السلام في قوله: (( اذا اجتمعت المصالح الأخروية الخالصة، فإن أمكن تحصيلها حصلناها، وإن تعذر تحصيلها حصلنا الأصلح فالأصلح والأفضل فالأفضل، لقوله تعالى : ( فبشّر عباد ) الزمر 17، ( الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه) الزمر18. وقوله : (واتّبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم) الزمر:55، وقوله: (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) الأعراف:145، فإذا استوت مع تعذر الجمع تخيّرنا، وقد يُقرع، وقد يختلف في التساوي والتفاوت، ولافرق في ذلك بين المصالح الواجبات والمندوبات، ولبيان الأفضل وتقديم الفاضل على المفضول أمثلة؛ أحدها: تقديم العرفان بالله وصفاته على الإيمان بتلك، ويقوم الاعتقاد في حق العامة مقام العرفان، ويقوم الإيمان المبني على العرفان لتعذر وصول العامة إلى العرفان وما يتبعه من الإيمان، وعلى ذلك الإيمان بالرسل وبما جاءوا به من الشرائع والأخبار وعذاب الفجار وثواب الأبرار، والعرفان متقدم على ذلك لشرفه في نفسه لتعلقه بالديّان، ولأنه شرط في صحة عبادة الرحمن، وهو أيضا مقدم بالزمان إلا على النص الدال عليه المفضي إليه، وليس يقدم النظر الابالزمان، وإنما تأخير الإيمان بالكتب والرسل، إذلا يمكن أن يؤمن بالرسل والرسالة من لايعرف المرسل، فقد تأخر لقصور رتبته عن رتبة الإيمان.

والعرفان لكونه تعلق بمخلوق، ولتعذر تحصيله قبل تحصيل الاعتقاد والإيمان والعرفان، ولفضل الإيمان تأخرت الواجبات عند إبتداء الإسلام ترغيبا فيه، فإنها لوجبت في الابتداء لنفروا من الإيمان لثقل تكاليفه.

فنفهم من كلام العز بن عبد السلام أن اجتماع المصالح يقصد به تواردها في محل واحد ووقت واحد. والأصل أن تؤخد مجتمعة؛ لان الجمع أولى من الترجيح، وإلا حُصِّلت المصلحة الراجحة وإن تّم تفويت المرجوحة، وهذه هي حالة التعارض أو التزاحم، وفيها يقول ابن القيم: ( تزاحم المصالح: والقاعد ة فيها شرعا وخلقا تحصيلها واجتماعها بحسب الإمكان، فإن تعذر قدمت المصلحة العظمى وإن فاتت الصغرى).

ومثل هذا يقال في اجتماع المفاسد: ( إذا اجتمعت المفاسد المحضة فإن أمكن درؤها درأنا، وإن تعذر الجميع درأنا الأفسد فالأفسد والأرذل، فالارذل. فإن تساوت فقد يُتوقف وقد يُتخير، وقد يُختلف في التساوي والتفاوت، ولا فرق في ذلك بين مفاسد المحرمات والمكروهات).

وبالنظر إلى استعمالات المصطلح، يمكن تعريف اجتماع المصالح بالقول: هو تلاقي مصلحتين فأكثر، وتواردها المتزامن على المكلف؛ فإما ان يعمل بها جميعا إذا لم يمنع من ذلك عذر، وإلا عُمل بالراجحة وفوتت المرجوحة، وإن تساوت التجئ للتخيير أوالقرعة.

ونقول في اجتماع المفاسد: وهو أن تعرض للمكلف في الوقت الواحد مفسدة الأدنى والأخف، وفي حالة تساوي المفاسد يلجأ للتوقف أو التخير. والمصطلح – كما لا يخفى – يشمل (تعارض المصالح) / (تعارض المفاسد)، (تزاحم المصالح) / تزاحم المفاسد)، و (تساوي المصالح) / (تساوي المفاسد)، لأنه يدل على مطلق الاجتماع من غير تعيين لكيفه.

من كتاب: معجم المصطلحات المقاصدية ص ( 31 -34 )

Share:

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn