من كتاب (مقاصد الشر يعة الإسلامية وأثرها في رعاية حقوق الإنسان : دراسة تأصلية مقارنة)
د. محمد شيخ أحمد محمد “محمد حاج”
أثر مقاصد الشريعة في رعاية حقوق الذرية والأطفال
لعل المقصد الذي يتصدر مقاصد الأسرة في الشريعة الإسلامية والذي اعتبره العلماء المقصد الأول والأساس فيها، هو المقصد المتعلق برعاية الذرية وحقوق الأطفال (حفظ النسل) وما تفرع عنه من مقاصد: حفظ التناسل، والأنساب، ورعاية الأبناء، فكلها تنصب في رعاية حقوق الأطفال والأبناء.
وتبدأ هذه الحقوق من: حق حسن اختيار الأبوين، وحق إثبات النسب، ومروراً بحقوق الرعاية الكثيرة المفصلة في الشريعة الإسلامية، مثل: التأذين في أذنيه عند الولادة وتحنيكه، وحق التسمية الحسنة والختان والعقيقة وحلق الرأس، وحق الرضاعة والحضانة الآمنة والنفقة، وحسن التربية والتأديب وتعليمه أصول دينه وآدابه، والعدل بين الأبناء، وحق الحفاظ على أمواله، وحق اللعب والاستمتاع بطفولته، وحق الرعاية الصحية، وتنتهي بحق الميراث.
وكل هذه الحقوق مقررة في النصوص، مفصلة الأحكام والمقاصد في مظانها من كتب الفقه الإسلامي.
فهذه الحقوق من جملة الآثار التي تترتب من تحقيق مقاصد الأسرة المتقدمة، وخاصة: مقصد حفظ النسل والمقاصد التابعة له من: حفظ للتناسل في حضن الأسرة، وحفظ للانتماء والنسب، ورعاية للأطفال والأبناء، كل ذلك في سبيل ضمان الرعاية الكاملة والتربية الحميدة والتنشئة الصالحة المؤهلة لعضوية المجتمع النافعة، والاستمرار في حمل الرسالة الإنسانية والخلافة البشرية.
وقد وافقت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة فى20/11/1959م على إعلان حقوق الطفل، وتضمن عشرة مبادئ منها: حق التسمية، والأمن الاجتماعي، والرعاية، والعلاج، ومسئولية الوالدين، وحق التعليم الإجباري، وحق اللعب والرياضة، والوقاية من الأمراض، والوقاية من القسوة، والوقاية من الفساد، وخصصت لها هيئة خاصة هي صندوق الطفولة: اليونيسيف = UNICEVE إحدى منظمات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأطفال ، وتخصص جزءاً كبيراً من مواردها وأنشطتها للأطفال، لا سيما في الدول التي تتعرض للكوارث.
وإذا كان العالم اليوم يسعى إلى رفع مستوى الطفولة وعلاج مشكلاتها بالأقوال؛ فإن الشريعة الإسلامية ومقاصدها قد عنيت بالطفولة أيما اعتناء، وعملت على حمايتها وحل مشكلاتها بالأفعال والأعمال التي ستظل خالدة على مر الزمان.
