#سلسلة_المصطلحات_المقاصدية (8)

#سلسلة_المصطلحات_المقاصدية (8)

#الاحكام_المعللة

يعتبر القول بالتعليل الاساس العلمي لنظرية المقاصد.

وقد ذهب الجمهور إلى تقسيم أحكام الشريعة إلى معللة وتعبدية خلافا للظاهرية. والحكم المعلل هو حكم معقول المعنى لكن دلالته اخص، وعليه فالأحكام المعللة أخص من الأحكام المعقولة المعنى وقد يتواردان بمعنى واحد في بعض الاستعمالات.

#المعللة_في اللغة

“المعللة” إسم معقول من “علل” وترجع المعاني اللغوية لأصل الكلمة لمعاني التكرار والضعف، جاء في لسان العرب لابن منظور “العلّ والعَلَل: الشربة الثانية، وقيل الشرب بعد الشرب تباعا، والعلة المرض، علّ يعل واعتل أي مرض فهو عليل، والعلة الحدث يشغل صاحبه عن حاجته؛ كأن تلك العلة صارت شغلا ثانيا منعه عن شغله الأول. وفي المثل: لاتعدَمُ خرقاء علة، يقال هذا لكل معتل ومعتذر وهو يقدر”.

#المعللة_في_القرآن_والسنة

لم ترد كلمة معللة ومشتقاتها في القرآن الكريم. كما يندر استعمالها في السنة. ومن بين مواردها في الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” ما من رجل كان يوطن المساجد فشغله أمر أو علة ثم عاد إلى ما كان إلا تبشبش الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم”.

#الاحكام_المعللة_في_الاصلاح_المقاصدي

قسم ابن السمعان الأحكام إلى أربعة أقسام بالنظر إلى التعليل الجملي والتعليل التفصيلي بقوله ” تنقسم العلل أقساما؛ فقسم يعلل جملته وتفصيله، وهو كل ما يمكن إبداء معنى في أصله وفرعه، وقسم يعلل بجملته ولا يعلل تفاصيله لعدم التعليل في التفاصيل. ومنها قسم آخر: لا يعلل جملته لكن بعد ثبوت جملته يعلل تفاصيله كالكتابة والإجارة وفورع تجمل الغافلة. وقد يوجد قسم لا يجري التعليل في جملته ولا في تفاصيله، مثل الصلاة وما تشمل عليه من القيام والقعود والركوع والسجود وغير ذلك”. وقيل إن الصلاة يعقل منها الخشوع والاستكانة والابتهال للمعبود… فأصول هذه المعاني معلومة ولكن لاسبيل إلى طرد التعليل في التفصيلات.وأما أصل عقود المعاملات فمعقولة المعنى إلا أن الشرع أثبت فيها أنواعا من التعبدات يلزم اتباعها ولا يجوز تجاوزها”.

كما قرر ابن السمعان قاعدة بقوله ” كل حكم يمكن أن يستنبط منه معنى مخيل من كتاب أو نص سنة أو إجماع فإنه يعلل، و ما لايصح فيه مثل هذا  فإنه لا يعلل سواء أكان من الحدود أو الكفارات أو المقادير أو الرخص”.

وقسم الإمام الغزالي الأحكام إلى ثلاثة أقسام، فقال: “قسم لا يعلل أصلا، وقسم يعلم كونه معللا، كالحجر على الصبي  فإنه لضعف عقله، وقسم يتردد فيه. ونحن لا نقيس ما لم يقم لنا دليل على كون الحكم معللا، ودليل على عين العلة المستنبطة، ودليل على وجود العلة في الفرع وعند ذلك يندفع الإشكال المذكور، ولما كثرت التعبدات في العبادات لم يرتض قياس غير التكبير والتسليم والفاتحة عليها ولا قياس غير المنصوص في الزكاة على المنصوص، وإنما نقيس على المعاملات وغرامات الجنايات، وما علم بقرائن كثيرة علم بناؤها على معان معقولة ومصالح دنيوية”.

فالأحكام ثلاثة أقسام على ما جاء في كلام الإمام الغزالي؛ فأما القسم الأول فهو غير المعلل وهو مجال التعبدات ويتجلى في العبادات أكثر، وأما الثاني فهو المعلل نحو المعملات والجنايات وغيرها، وأما الثالث فمتردد بين الأول والثاني. وبيان هذا القسم كما جاء عند ابن عاشور: ” ما كانت علته خفية، واستنبط له الفقهاء علة واختلفوا فيه كتحريم ربا الفضل في الأصناف الستة”.

ويرتبط التعليل بالمعقولية ؛ فقد جاء في كلام ابن عاشور حين حديثه عن أنحاء تصرف المجتهدين بفقههم في الشريعة أن من هذا الأنحاء ” النظر فيما لم تظهر حكمة الشرع فيه إما لتصنيفيه ضمن الأحكام التعبدية غير المعللة، أو للعمل على اكتشاف علته ومقصوده، لإلحاقه بالأحكام المعقولة المعنى”.

 فقابل هنا الاحكام غير المعللة بالمعقولة المعنى، ذلك أن الحكام المعللة تشترك مع المعقولة المعنى في حصول القبول والطمأنينة وسرعة االانقياد، كما قال الطوفي: “والنفس إلى قبول الأحكام المعللة أميل وإليها أسكن، وهي بتصديقها أجدر لحصول الطمأنينة”.

وجاء في نهاية الوصول: “فإن الأحكام المعللة بالمناسبة والحكمة أقرب إلى الطبع من الأحكام التعبدية، وإذعان المكلفين لها، وكون فعلهما غير ثقيل على فاعليه”.

وتفترق الأحكام المعللة عن المعقولة في أن الأحكام المعقولة المعنى قد تكون معقولة من حيث الجملة لا من حيث التفصيل، نحو بعض العبادات فهي معقولة جملة غير معللة تفصيلا.

كما ان كل حكم معلل يفيد في إجراء القياس، بينما الحكم المعقول المعنى لا يلزم منه ذلك، فالأحكام المعللة هي الأحكام التي تم التنصيص على علتها والإيماء إليها أو تم استنباطها بالاجتهاد. فكل حكم معلل فهو معقول المعنى، وليس كل حكم معقول المعنى معللا.

وقد يكون الحكم معللا لكن لايمكن إجراء القايس عليه؛ كما قال الشاطبي: ” وإذا كان معلوما من الشريعة في مواطن كثيرة أن ثَمّ مصالح أُخَر غير ما يدركه المكلف، لا يقدر على استنباطها ولا على التعدية بها في محل آخر؛ إذ لايعرف كون المحل الآخر وهو الفرع وجدت فيه تلك العلة البتة، لم يكن إلى اعتبارها في القياس سبيل، فبقيت موقوفة على التعبد المحض؛ لأنها لم يظهر للأصل المعلل بها شبيه إلا دخل تحت الإطلاق أو العموم المعلل، وإذ ذاك يكون أخذ الحكم المعلل بها متعبدا به، ومعنى التعبد به الوقوف عند ما حد الشارع فيه من غير زيادة ولا نقصان”.

فالحكم المعلل هو كل حكم نُصّ على علته أو يمكن أن يستنبط منه معنى مخيل، دل عليه الكتاب أو السنة أو الإجماع. ولما كانت  العلة، حسب تعريف الشاطبي، هي الحكم والمصالح التي تعلقت بها الأوامر أو الإباحة والمفاسد التي تعلقت بها النواهي”.

فان المقصود بالحكم المعلل الحكم الذي له علة تتضمن حكمة ومصلحة.

Share:

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn