في رحلة جوية على الخطوط التركية من مقديشو إلى اسطنبول صبيحة الجمعة الثالث من أغسطس ٢٠١٨م، استغرقت قرابة ثماني ساعات حاولت استغلال الزمن بالقراءة على هامش الرحلة، وكنت قد اصطحبت معي عددا من الكتب والأبحاث خططت للاطلاع عليها اثناء الرحلة، من بينها:
١. كتاب (الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية من الفتنة الكبرى إلى الربيع العربي للدكتور محمد المختار الشنقيطي). وعندي منه نسخة pdf.
٢. وكتاب (من أدب الاختلاف إلى نبذ الخلاف) للدكتور طه جابر العلواني رحمة الله الواسعة عليه.
٣. وكتاب (عشر سنوات من التوحيد والإصلاح: البناء والكسب التطلعات والتحديات) من إصدارات حركة التوحيد والإصلاح المغربية، تحرير الأستاذ محمد يتيم وآخرين.
٤. وكتاب (مشروع العمر) لمشعل عبد العزيز الفلاحي.
ه. وبحث (تحليل وتقويم معجم المؤلفين الصوماليين بالعربية قديما وحديثا) للدكتور أبوبكر محمد معلم حسن. بصيغة pdf.
وبفضل الله وتوفيقه تمكنت من الاطلاع على معظم هذه الكتب والأبحاث، إلا أن الذي استهواني أكثر من غيره من بينها، وقراته أكثر من مرة، واستدر مني هذه الهوامش والتعليقات هو البحث الأخير للدكتور أبي بكر محمد معلم حسن الأستاذ الجامعي والأديب الأريب اللغوي المتخصص في علوم القرآن والقراءات، ونشره في مجلة الجامعة الإسلامية بالصومال في عددها الأول الصادر في ١٤٣٩ه/٢٠١٨م.
وربما كان سبب هذا الاجتذاب لكون البحث جديدا صدر حديثا ولم اطلع عليه قبل ولم يصلني إلا بالأمس الخميس بخلاف بقية الكتب التي اطلعت عليها أكثر من مرة. وربما لكونه العمل الوحيد الذي يعالج موضوعا يتعلق بالصومال بصورة مباشرة. وربما لأنه استثار شجونا كانت كامنة تجاه المعجم موضوع التحليل كما سيظهر من الهوامش. وربما ..
والمعجم المذكور من تأليف الدكتور محمد حسين معلم الباحث المتخصص في التاريخ المهتم بالتوثيق لتاريخ الحضارة الإسلامية والثقافة العربية وأعلامها في الصومال، وصاحب المؤلفات العديدة في هذا الشأن.
وبعد قراءتي للبحث اليوم ، واطلاعي على الكتاب قبل عام او يزيد أحببت أن ادون هذه الخواطر على هامش البحث.
أولا: هامش على قراءتي للمعجم موضوع البحث: فور صدور الكتاب في العام الماضي أهدى لي المؤلف نسخة منه وكان ذلك في شهر مايو من العام الماضي، فانكببت على قراءته بشغف شديد رغم مشغولياتي الكثيرة لأنه عند ما وصلني الكتاب كنت مطالبا بمناقشة عدد من رسائل الماجستير والدكتورة في ظرف زمني وجيز ضمن برنامج الدراسات العليا لجامعة بطانة السودانية بالتنسيق مع جامعة الهلال في الصومال غير المسؤوليات الثابتة، وبالرغم من هذا الضغط فقد كنت اجد نفسي مرتاحا بالاسترسال في قراءة الكتاب والاستمتاع به؛ وذلك لكونه فريدا في بابه (الدرسات المعجمية المتعلقة بالمؤلفات الصومالية بالعربية) جديدا في محتواه ومضمونه. ولم اكتف بذلك فقط، وإنما بدأت في تدوين عدد من الملاحظات حول طريقة الكتاب ومنهجه بقصد إهدائها للمؤلف تطورت الى الشروع في إجراء دراسة تحليلية بعنوان: (الدراسات الأصولية والفقهية الواردة في معجم المؤلفين بالعربية) وأحصيت منها مائة عنوان ما بين كتب تراثية أو حديثة مخطوطة أو مطبوعة، ورسائل علمية في مرحلة الماجستير أو الدكتوراه، ومقالات ونحوها. وصنفتها حسب موضوعاتها وتخصصاتها الدقيقة: أصول الفقه، مقاصد الشريعة، القواعد الفقهية، الفتاوى والتوازل، الفقه المقارن بين المذاهب الفقهية أو مع القانون، فقه العبادات، فقه المعاملات المالية، فقه الأسرة والأحوال الشخصية والميراث، فقه الجنايات، السياسة الشرعية وغيرها… وطبعا كان من بين هذه الدراسات التي تناولها المعجم أربع عناوين من مؤلفاتي، هي عبارة عن كتابين، ورسالة علمية غير منشورة، وبحث علمي، بالإضافة إلى عنوان خامس ذي صلة بها عبارة عن قراءة لرسالتي في الدكتوراه كتبها الدكتور يونس عبدلي.
ولكن على اية هذه الدراسة لم تر النور بعد، لأنني قررت أن أضيف إليها عددا آخر من الدراسات في الموضوع لم يتضمنها المعجم إتماما للموضوع وافادة للباحثين، وجمعت عددا من الدراسات لكن لم أضف اليها، ثم انشغلت عن إخراجها على نحو يرضيتي، فظلت مسودة بحث حبيسة الدرج، ولا زالت طي الكتمان. ولعلي أرفقها لكم مع هذه الهوامش، علها تجد من القراء ما يدفعني لا ستكمالها، ويحملني على إخراجها على أي نحو ولو لم ينل مني تمام الرضا. وهكذا مرت الأيام والشهور حتى أخبرني الدكتور أبوبكر ببحثه هذا موضوع الهوامش فطلبت منه أن يبعث لي بنسخة منه، ووعد بذلك ووفى، وأرسل إلي نسخة pdf من المجلة بالأمس فشرعت في تصفح البحث فورا.
ثانيا: هامش حول قراءتي للبحث ( تحليل وتقويم كتاب معجم المؤلفين الصوماليين بالعربية قديم وحديثا): اطلعت على البحث وأكملت قراءته بتمعن، مستمتعا باللغة العلمية الرصينة، والأسلوب الأدبي الرفيع الذي تميز به الكاتب، والمنهجية العلمية الدقيقة التي سلكها. وظاهر أن الباحث بذل مجهودا كبيرا في الغوص في أعماق المعجم والخروج بدرر وكنوز من التحليلات والتتصنيفات والإحصاءات والاستنتاجات الرائعة، مع إبراز المحاسن التي تضمنها الكتاب وما أكثرها من جوانب متعددة علمية ومنهجية وفنية، وكذلك جوانب الخلل والتقصير التي لا يخلوا عنها عمل بشري، مهديا للمؤلف والقراء معا جملة من النتائج والتوصيات التي تعتبر مكملة للمعجم ومفيدة للباحثين في آن. فالمعجم بحسب الدكتور ابي بكر ترجم لعدد (٥٤٣) من المؤلفين الصوماليين بالعربية، واشتمل على (١٠٨٣) عنوانا من انتاجهم العلمي والأدبي.
ثالثا: هامش حول تصنيف العناوين:
وددت لو أضاف الباحث إلى التصنيفات والإحصاءات الممتعة التي اتحفنا بها عن الكتاب تصنيفا آخر كان ودي لو اتبعه المؤلف أصلا، لكن حال بينه وبين ذلك لأنه اهتم بالكاتب أولا وسرد كل ما وصلت إليه يده من إنتاجه العلمي في موضع واحد.
وهذا التصنيف الذي اقصده هو : تصنيف المؤلفات او الاعمال العلمية التي اشتمل علبها المعجم إلى:
١. كتب تراثية هي مؤلفات القدماء سواء كانت مطبوعة أو مخطوطة.
٢. كتب حديثة، طهي مؤلفات المعاصرين المطبوعة سواء كان أصلها رسائل علمية (ماجستير او دكتوراه) أو كانت كتبا ألفها أصحابها اسقلالا.
٣. رسائل علمية غير منشورة سواء كانت في مرحلة الماجستير أو الدكتوراة.
٤. أبحاث منشورة في مجلات علمية محكمة.
٥. مقالات منشورة في دوريات غير محكمة كالمجلات والمواقع الالكترونية ونحوها.
وفي رأيي التصنيف الإحصائي على هذا النحو كان سيعطينا صورة واضحة عن القيمة العلمية للأعمال التي اشتمل عليها المعجم والتي بلغ عددها وفقا للدكتور أبي بكر (١٠٨٣ عنوانا)؛ وكان سيفيد الباحثين أكثر ؛ لانه أقرب الى المنهجية العلمية وألصق بالدقة الأكاديمية في تصنيف الأعمال العلمية وتقييمها ، وأبعد عن الإطلاقات المستخدمة في غير الأروقة الاكاديمية، من قبيل إطلاق (الكتاب) على كل ما كتب وذلك وإن كان يقتضيه المعنى اللغوي إلا أن المتعارف عليه أكاديميا أنه لا يطلق اسم (الكتاب) إلا على الصنف الأول والثاني بنوع من التجاوز بالنسبة للمخطوطات، اما الأصناف الثلاثة الأخرى فلا تسمى كتبا ما دامت لم تنشر بصورة مستقلة، وعندها تندرج في الصنف الثاني.
وعلى فرض التسليم بهذه الملاحظة فكم من هذا الكم الكبير من العناوين الذي تجاوز الألف بنحو ثمانين أو يزيد قليلا – كم تمثل نسبة الكتب المنشورة منها، سوء كانت تراثية او حديثة؟ وكم تمثل نسبة الرسائل العلمية غير المنشورة التي لم تصبح بعد كتبا؟ وكم نسبة الأبحاث العلمية منها؟ وكم نسبة الكتابات العامة من المقالات ونحوها مما لم يخضع لتحكيم علمي او إشراف اكاديمي أو تحقيق ونحوها منها؟
فلعل هذا التصنيف الإحصائي يوقفنا على تقييم لهذه الأعمال من زاوية أخرى مفيدة جدا للباحثين، وتسهم في تحسين العمل المعجمي، وتصب في خانة تحقيق الأهداف والمقاصد التي توخاها المؤلف والباحث كلاهما.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
وكتبه محمد شيخ أحمد
في عصر الجمعة ٣ أغسطس ٢٠١٨م
سماء اسطنبول على الخطوط الجوية التركية
المصدر قراءات صومالية