قبيل عصر اليوم الجمعة كنت جالسا في طاولة القراءة في مكتبتي في المنزل فاتحا جهازي الحاسوبي لتحرير مقال كنت أعده للنشر ، و في مقابلي كانت تجلس ابنتي (فاطمة الزهراء ) ذات الثانية عشرة عاما ، حفظها الله ورعاها ، وهي تمسك مصحفها الذي تقرأ منه القرآن ، فدفعها الفضول لتطرح علي سؤالا تفرعت منه عدة أسئلة أخرى ، كما في الحوار التالي :
– فاطمة الزهراء : ابتي متى اشتريت هذا الحاسوب ؟
– قلت : بنيتي اشتريته قبل سبع سنوات تقريبا .
– فاطمة الزهراء : وهل يكبر الحاسوب ابننا (أحمد الأمين) تعني أخاها الأصغر الذي لم يكمل بعد سنته الثامنة .
– قلت : لا ، أحمد أكبر ، لأنني اشتريته بعد ميلاد أحمد الأمين بسنة .
– فاطمة الزهراء : نظرت إلى جانب من المكتبة محدقة بعينيها إلى الكتب على الرفوف ، قائلة : وهل عند ما كتبت هذين الكتابين كان (أحمد الأمين) موجودا ؟ تشير إلى رسالتين علميتين: إحداهما لنيل درجة الماجستير بعنوان (مقاصد الشريعة العامة عند الإمامين العز بن عبد السلام والشاطبي : دراسة مقارنة) وما زالت مخطوطة لم تنشر بعد ، والثانية لنيل درجة الدكتوراه ، بعنوان (مقاصد الشريعة الإسلامية وأثرها في رعاية حقوق الإنسان: دراسة تأصيلية مقارنة) ، نشرها مجمع الفقه الإسلامي في السودان بعد شهور من مناقشتها في عام ٢٠١٢م.
– قلت : لا ، هما أكبر من (أحمد الأمين) ، بل إحدى الرسالتين وهي رسالة الماجستير أكبر سنا من أختك الكبرى (إفراح) بسنة ، وكان يطلق عليها بعض زملائنا في الجامعة اسم ( مقاصد) ، نظرا لولادتها بعد إنجاز رسالة المقاصد الأولى .
– فاطمة الزهراء : هل الكتاب الذي يكبر (إفراح) هو الكتاب الكبير ؟ تقصد رسالة الدكتوراه ، لأنها أكبر حجما من الأخرى ، وهي طبعا تقيس كبر السن بكبرالحجم ببراءتها الطفولية .
– قلت : لا ، بل الرسالة الأصغر حجما ( رسالة الماجستير ) هي الأقدم عمرا والأكبر سنا .
– فاطمة الزهراء : وما ذا عن هذا الكتاب ؟ وهي تشير إلى كتابي ( المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية ) مقرر مطلوب جامعي لمادة ( المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية) في جامعة إفريقيا العالمية ، منذ ٢٠٠٥م سنة صدور طبعته الأولى وحتى الآن ، ويدرس أيضا في عدد من الجامعات الصومالية .
– قلت : هذا الكتاب صدرت طبعته الأولى قبل ميلادك بثلاث سنين ، لكن طبعته الثالثة التي هي آخر طبعة منقحة ومزيدة ، صدرت قريبا من ميلادك ، فنظرت إلى مقدمة الطبعة الثالثة للتأكد من التاريخ تحديدا ، فإذا هي تصادف اليوم الجمعة 2008/5/15 م ، وهي قبل عشرة أيام فقط من ميلاد فاطمة الزهراء ، حيث ولدت في الخرطوم في 2008/5/25م .
– فاطمة الزهراء : إذن نحتفل اليوم بعيد ميلاد الكتاب ، وانا أتولى إعداد التورتة وتنظيم الحفل . وهذه طبعا منها لفتة ذكية ، تريد أن تمرر من خلالها هدفا آخر ، هو أن يفتح هذا الاحتفال لها الباب ليكون الاحتفال بعيد ميلادها بعد عشرة أيام سالكا ، وكنا قد أتينا على سيرة تاريخ ميلادها وإخواتها وأخيها قبل ساعتين تقريبا في جلسة عائلية ، فطرحت فكرة إقامة حفل عيد ميلاد لها ، ولكن لم يتم التفاعل معها ، نظرا لأن الفكرة غير مألوفة في الأسرة ، ولم يسبق لنا أن أقمنا احتفالا من هذا النوع من قبل . والظاهر أنها لم تنس الأمر وتريد أن تذكرني بالفكرة مرة أخرى بطريقة ذكية .
المهم : أنا قررت الاحتفال بتاريخ إصدار الطعبة الثالثة من الكتاب بطريقتي ، بكتابة هذا البوست ، وفاطمة الزهراء مضت لسبيلها لتحتفل هي الأخرى بالكتاب بطريقتها ، فأعدت كيكة مصنوعة بطريقة تم نقش اسم الكتاب عليها ، وتقديم هدية رمزية لي ، هي عبارة عن مكتوب ( اسم الكتاب ) منقوش عليه العبارات التالية :
( اللهم اجعله دائما ، ليستفيد منه طالب
وشكرا لبابا الذي كتبه وتعب به )
حاولت أن احسن لها الجملة قليلا ، بإذخال تعديل بسيط وذلك باستبدال ( الطلاب) بدل (طالب) فرفضت ، قائلة: لا ، هو بيت شعر ، واردته هكذا ، فتركتها لسبيلها.
حفظ الله ابنتي العزيزة فاطمة الزهراء ، فهي صاحبة خيال ملهم ، فرض علي كتابة هذا البوست في وقت لم يكن لدي استعداد للأنشغال بمثل هذه الأمور ، لو لا تأثيرها .
اضف تعليقا