بعض انطباعاتي حول المؤتمر الثالث لمركز المقاصد
أ. سالم سعيد سالم
كان لي شرف حضور المؤتمر الثالث الذي نظمه مركز المقاصد ما بين 31- اكتوبر إلى 2 نوفمبر هذا العام ،بمشاركة كوكبة من علماء وباحثين وساسة وممثلين من مختلف واجهات المحتمع المدني ، وكان من أهم اطباعتي حول المؤتمر هذا العالم :
1- روعة التنظيم : مع حضوري عشرات مؤتمرات في الخارج والداخل ذي ميزانيات مريحة مقارنة بمركز المقاصد حديث العهد وذي الإمكانيات المحدودة إلا أن روعة تنظيم المؤتمر أبهرتني من حيث جودة وتنوع المواضيع المطروحة التي عالجت موضوع المؤتمر من زاوايا عدة مثل ترشيد الخلاف العلمائي ودور المرأة في المصالحة وإرساء السلام وبعض نماذج المصالحات في الصومال وخارجها ، و أيضا من حيث استقبال الضيوف والعناية بهم حيث كان هناك طاقم كامل خصيصا لهذه المهام، وقد أبلى بلاء حسنا فجزاهم الله عنا خيرا .
2- حضور نخب علمائية وثقافية واجتماعية من مختلف الأطياف والمشارب . طريقة اختيار المشاركين والمواضع عكست على القدرة الفكرية الاستيعابية لدى القائمين بمركز المقاصد وقد حضر المؤتمر علماء من مختلف المشارب الفكرية من صوفية وسلفية واخوانية ومستقليين وكذلك نخب من مختلف أطياف المجتمع المدني من كل المناطق والولايات ، أضف إلى ذلك منطقة الصومال الغربي ومنطقة شمال شرق كينا ، وكذلك علماء وباحثبن من عدة دول إسلامية مثل نيجريا واليمن وجيبوتي والعراق والسودان، الأمر الذي حول بيئة المؤتمر إلى بيئة تعارف وتعلم وتبادل الآراء والخبرات .
ولا أنسى الحضور اللافت للمرأة على مستوى عرض الأوراق والمشاركة في النقاشات ، وهذه ميزة قلما توجد في النقاشات العلمائية في الصومال.
واستفادة من حضور مختلف الطيف العلمائي ، كان من ضمن أطروحات المشاركين ضرورة ترشيد الخلاف العلمائي وتوحيد الصف من خلال التركيز على المشتركات من خلال التعاون على البرّ والتقوي والتسامح في المختلفات الفكرية والفقهية بين الطيف العلمائي.
3- بلورة تفعيل الحل الإسلامي في السلم والمصالحة: رغم تنوع المواضيع والبحوث التي قدمت في المؤتمر إلا أن كلها تركزت على ضرورة تبني الحل الإسلامي من خلال العلماء في معالجة الحروب والخلافات الصومالية الصومالية ، وقد نبّه المشاركون على الدور التاريخي للعلماء في المصالحة وأنهم جزء أصيل من حل المعضلة الصومالية إذ يمثل العلماء المرجعية الشرعية والإرشادية في المجتمع، وهذا يدل على أهمية المؤتمر بكونه قد يكون خطوة موفقة لبعث الروح مجددا في استنهاض العلماء الذين ظل دورهم خافتا في الصومال منذ أن أصبح العلماء بين سندان حركة الشباب المقاتلة ودولة المحاصصة القبلية مما جعل العلماء ولا سيما في الجنوب على هامش الأحداث ، وبالتالي عقد المؤتمر يمثل مساهمة حقيقة لتقديم خطاب مقاصدي ينبع من منظور فقهاء المقاصد والفقه والفكر لكسر حالة السكون من خلال التقاطع مع النخب الصومالية والسياسيين للتطلع إلى أدوار أكبر وأكثر تأثيرا.
4- حرية النقاش وفتح المجال لنقد الواقع: لم تكن نقاشات المؤتمر تتسم بحالة من التحفظ على نقد الواقع وأخطاء الساسة ، بل اتسمت بعض النقاشات والمداخلات بنقد النظام السياسي الصومالي والفساد المستشري كجذر من جذور الحروب الدائمة والصراعات المتكررة ، وهذا الجو من حرية النقاش مثل إضافة نوعية للنقاشات مع شهود نواب البرلمان والوزراء والمستشارين .
ومع إبراز روعة التنظيم والطرح العالي للمؤتمر إلا أن أي عمل إنساني من هذا النوع يحتاج إلى بعض الملاحظات ، للاستفادة منها في المؤتمرات اللاحقة ، ومنها : تطوير نظام التحكيم للأوراق، وتقليل عدد الأوراق البحثية، مع تخصيص مزيد من الوقت للنقاشات ومداخلات المتلقين.
وأخيرا ، اسمحوا لي أن أن أشكر القائمين على المركز وطاقمه الإداري والجهات الخيرة التي ساعدت على عقد المؤتمر الثالث للمركز .
كما أنوّه ضرورة العمل على تأمين موارد ذاتية لمركز المقاصد مثل تأسيس نظام الاشتراكات وغيرها حتى يسهل ضمان ديمومة عمل المركز بعيدا عن بعض المساعدات المؤقته وكذلك متابعة تطبيق توصيات المؤتمر وتقييم تأثيرها على المسارات ذات الصلة