انطباعي حول المؤتمر الثالث لمركز المقاصد:(دورالعلماءفي إرساءالسلم والمصالحةالوطنية) [رؤيةشرعيةمقاصدية] ٣١ أكتوبر-٢ نوفمبر ٢٠٢٣م.
لقد كان هذا المؤتمر الثالث حدثًا مهمًا في مجال المصالحة والسلم في الصومال. لأنه ناقش العديد من القضايا المهمة المتعلقة بالمصالحة والسلم في الصومال، وقدم العديد من الأفكار والحلول المفيدة، والتي تمثل أساسًا حيويًا لتحقيق النجاح.
وقدتمكنت من حضور جميع فعالياته وجلساته وندواته، وتابعته بأم عيني باهتمام كبير، وقرأت ملخصات الأوراق العلمية التي قدمها الأساتذة والعلماء الأجلاء، والتي كانت عالية الجودة، وتناولت العديد من جوانب المصالحة والسلم في الصومال. وبما أني مقدم الورقة: (أثرترشيدالاختلاف العلمائي على إرساءالسلم المجتمعي) كان لي المؤتمر مثالا عمليا تجسيديا لترشيدالخلاف الفكري لجمعه بين المشارب الفكريةالثلاثة في الصومال (الصوفية والإخوانية والسلفية)
من ناحية التنظيم:
أعجبني التنظيم الممتاز للمؤتمر، حيث تم اختيار المكان المناسب، وتم توفير كافة الإمكانيات اللازمة للمشاركة الفعالة للمشاركين، كما تم الإعلان عن المؤتمر بشكل ممتاز، مما ساهم في مشاركة عدد كبير من الخبراء والأكاديميين من الصومال والدول الأخرى التي لها التجربةالرائدةفي هذاالمجال.
لقد كان المؤتمر تنظيمًا محكمًا، تميز بدقة المواعيد، وسلاسة سير الجلسات، وحسن استقبال المشاركين، مما انعكس على المستوى الرفيع الذي يتمتع به مركز المقاصد، والتزامه بتقديم أعمال جبارةونافعةللأمة.
أهمية دور العلماء في إرساء السلم والمصالحة الوطنية:
للعلماء دور مهم في إرساء السلم والمصالحة الوطنية، ويشكلون أساسًا حيويًا لتحقيق النجاح. فهم يتمتعون بمكانة مرموقة في المجتمع، ويحظون باحترام وتقدير كبيرين من قبل عامة النّاس، كما أنهم يتمتعون بالمعرفة والحكمة اللازمة لمعالجة القضايا المعقدة المتعلقة بالمصالحة والسلم.
كان من أهم انطباعي عن المؤتمر الكلمة القوية ذات المعنى العميق والفائدة التي ألقاها السادة العلماء المشاركون. فقد أكد المتحدثون في المؤتمر على أهمية تحقيق المصالحة والسلم في الصومال. فالمصالحة هي الأساس الذي يمكن على أساسه بناء السلام والاستقرار في البلاد.
كما قدم العلماء المشاركون العديد من الأفكار والحلول المفيدة لتحقيق المصالحة والسلم في الصومال.
وتشمل هذه الأفكار:
ضرورة إشراك جميع الأطراف المعنية في جهود المصالحة والسلم، بما في ذلك الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
ضرورة بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة، وذلك من خلال الحوار والتفاوض.
ضرورة توفير العدالة والإنصاف لجميع الأطراف، وذلك من خلال الالتزام بالشريعةو تطبيق القانون واحترام الحقوق.
هذه الأفكار والحلول مهمة وضرورية لتحقيق المصالحة والسلم في الصومال، ومن المهم أن يتم العمل على تنفيذ هذه الأفكار والحلول في الواقع.
لقد كانت الكلمة التي ألقاها العلماء المشاركون بمثابة “لكزة” قوية في ضمير الشعب الصومالي، ودعوتهم إلى العمل على تحقيق المصالحة والسلم.
لقد كانت الكلمة مؤثرة وملهمة، وساهمت ذلك في تحفيز الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في الصومال. إن المؤتمر الثالث لمركز المقاصد كان حدثًا مهمًا، وقد ساهم في إلقاء الضوء على موضوع المصالحة والسلم في الصومال. وأتمنى أن تستمر جهود مركز المقاصد في هذا الميدان المهم.
أهمية واختيار موضوع المصالحة والسلم في الصومال:
الصومال بحاجة ماسة إلى المصالحة والسلم، ولا شك في أن استعادة السلام والاستقرار سيساهم في تعزيز هذه الثروة الطبيعية، لأنها تمثل فرصة لتجاوز الخلافات وبناء جسور التفاهم بين مختلف الأطياف والأفراد. من خلال تعزيز الحوار والتفاهم، يمكن أن يصبح الصومال مكانًا يزدهر فيه التعاون والتنمية.
يسعى هذا المؤتمر إلى فهم أعماق التحديات التي تواجه الصومال وكيف يمكن لعمليات المصالحة وتحقيق السلام أن تكون الخطوة الأساسية نحو إعادة بناء البلد وتطويره.
الصومال، بواقعها الجغرافي وتاريخها الحديث، تجعل من مسألة المصالحة والسلم أمرًا ذا أهمية خاصة. فهي تتنفس تاريخًا معقدًا وغنيًا، حيث يمتزج التراث الثقافي بأرض خصبة وجغرافيا فريدة. إنها أرض البحار الزرقاء والسهول الخضراء، لكنها أيضًا شهدت فترات عصيبة من النزاعات وعدم الاستقرار، وهو ما أثر سلبًا على حياة السكان وتنمية البلاد.
المصالحة تمثل الفرصة لكسر هذه الدورة والتوجه نحو فترة من السلام والاستقرار. الصومال، هذا البلد الواقع على الساحل الشرقي للقارة الأفريقية، يعلن اليوم عن رغبته في تغيير صفحته التاريخية، حيث تتسع آفاق المستقبل بفضل الرغبة في المصالحة وتحقيق السلام.
المصالحة والسلم في الصومال هما كالماء للصحراء، لا غنى عنهما. إن وضع الصومال يتطلب تحقيق الاستقرار وإعادة الاستقرار بعد فترة طويلة من النزاعات والاضطرابات.
تحمل الصومال عبء النزاعات والانقسامات التي تمزقت فيها الشمل الوطني وتهددت الاستقرار. عقود من الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية ألقت بظلالها على مستقبل هذا البلد الواعد. ومع ذلك، يبدو أن اليوم يشهد نقطة تحول، حيث ينطلق الصومال نحو رحلة المصالحة وبناء جسور الفهم والتعاون.
تتجلى أهمية المصالحة في هذا السياق بشكل لا يمكن إنكاره. إنهاء دورة النزاعات والعنف يمثل أساسًا لبناء مستقبل مستدام وسلمي. المصالحة لا تقتصر على تسوية الخلافات الحالية، بل تمتد إلى بناء قاعدة للحوار والتفاهم المستقبلي، حيث يصبح التفاعل الفكري والاجتماعي والسياسي أساسًا لتحقيق التقدم.
تواجه الصومال تحديات كبيرة، منها حماية مواردها الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة. الفقر وعدم المساواة يطغيان على بعض مناطقها، وهو أمر يتطلب جهودًا مشتركة لتحقيق التوازن والعدالة الاجتماعية. المصالحة تساهم في بناء ثقافة سلمية تعزز قيم التسامح والتعاون. ذلك يسهم في تشكيل هوية وطنية تعكس التعاون والتكاتف في الصومال وتعزز الوحدة الوطنية.
في الختام:
يتجلى بوضوح أن إشراك العلماء في جهود المصالحة والسلم الوطني يمثل أساسًا حيويًا لتحقيق النجاح. إنهم يشكلون جسرًا متينًا يمكن أن يربط بين الفجوات ويقودنا نحو ضفاف التفاهم والسلام.
فعلى طاولة الحوار وفي قاعات التفاوض، يقف العلماء كوسطاء فعالين يخلقون فضاءً للحوار المثمر وتعزيز الثقة والتعاون. إنهم يعززون فهمًا أعمق ويسهمون في بناء جسور التواصل بين قطاعات المجتمع المتنوعة.
كما ينبغي أن تكون، المصالحة والسلم في الصومال ليسا مجرد تطلعات وأهداف، بل هما ضرورة حية تتجسد في الحاجة الملحة إلى استقرار هذا البلد الفريد والاستفادة الكاملة من ثرواته. إنهما التزام ملموس بتحقيق تحول إيجابي، يزدهر فيه التنمية ويبني مستقبلًا مزدهرًا يشهد على التصالح والازدهار في هذه المنطقة المحنكة.
وفي هذا السياق والختام يسعدني أن أعبر عن امتناني العميق لمركز المقاصد على تنظيم هذا المؤتمر المهم، الذي جسد رؤية رائدة في تحقيق التواصل العلمي. كما أتقدم بالشكر الجزيل إلى الأساتذة والعلماء الأجلاء الذين أضاءوا المؤتمر بأفكارهم القيمة وقدموا حلولًا عميقة الفهم لتحقيق المصالحة والسلم في الصومال.
محمد جبوبي موسى