مصطلحات مقاصدية (2)

(2) تفعيل مقاصد الشريعة:

مصطلح تفعيل مقاصد الشريعة مصطلح جديد حديث. وقد كثر استعماله في الآونة الأخيرة في الاجتهاد الفقهي، وفي قضايا الفكر الاسلامي.

التفعيل في اللغة:

التفعيل في اللغة من فعَّل يُفَعِّل تفعيلاً، ويدلُّ أصل الكلمة على إحداث شيء من عمل وغيره. والفعل كناية عن كل عمل متعد أو غير متعد ، وقيل: الفعل حركة الإنسان .
وقال الراغب: الفعل: التأثير من جهة مؤثر ، والعمل : مثله ، والصنع أخص منهما.
وقال الجويني: الفعل ماكان في زمن يسير بلا تكرير، والعمل ما تكرر وطال منه واستمر.

ولفط #التفعيل” يستعمل اليوم بصفة عامَّة للتعبير عن إحداث الفعالية أو رفعها. والفعالية مبالغة في الفعل ، وقد أقر مجمع اللغة العربية بالقاهر “لتفعيل للدلالة على زيادة الفاعلية”.

#التفعيل_في_القرآن_والسنة:

لفط “التفعيل” بمعناه المستحدث لم يرد لا في القرآن ولا في السنة ، وإنما وردت مشتقات “فعل” في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، منها قوله عزوجل: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ) البقرة:197 ، (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات) الانبيا:73، (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) الفيل:1 ، ( ياأيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته) المائدة:67 ، أي إن لم تُبَلِّغ هذا الأمر فأنت في حكم من لم يبلغ شيئاً بوجه.

كما وردت مشتقات الكلمة في عدد من الأحاديث، فعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: “رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم افتتح التكبير في الصلاة فرفع يديه حتى يكبر حتى يجعلهما حذو منكبيه، واذا كبر للركوع فعل مثله، واذا قال سمع الله لمن حمده #فعل مثله، وقال: ربنا وللك الحمد، ولايفعل ذلك حين يسجد، ولاحين يرفع رأسه من السجود”.
وعن البراء قال: سمعت النبي صلىالله عليه وسلم يخطب فقال:” إن أول مانبدأ من يومنا هذا أن نصلى، ثم نرجع فننحر فمن #فعل فقد أصاب سنتنا).

تدل استعمالات #فعل” في القرآن والسنة على نحو المعاني اللغوية المشار إليها سابقاً، فليس لها دلالات خاصة.

#التفعيل: وهو يرمي ويدعو إلى جعل مقاصد الشريعة حاضرة ومؤثرة في المجالات التي لايسعها الفقه ولا أصول الفقه بصورتيهما السائدة . ومن تلك المجالات: أسلمة العلوم الإنسانية والاجتماعية والكونية أي تأسيسها وتوجيهها وفق مقاصد الشريعة ، ومنها: الترقية المنهجية للعقلية الإسلامية أو تكوين العقليةالمقاصدية.

وقد أفرد د. عبد المجيد النجار الباب السادس من كتابه “مقاصد الشريعة بأبعاد جديدة” لتفعيل مقاصد الشريعة ، وقال في بيانه: “تفعيل مقاصد الشريعة في النظر الفقهي فعل مركب لايتحقق الابتحقق جملة من العناصر ؛ وذلك لأن النظر الفقهي لكي يكون نظراً مقاصدياً ينبغى أن يبنى على العلم بمقاصد الشريعة وأنواعها ومراتبها بصفة نظرية ، وعلى العلم بأولوياتها بحسب ماتتطلبه مقتضيات الواقع وملابساته، وعلى التحقيق في درجات المقاصد ليحدد لكل حكم مقصده المناسب له في القوة أو في العموم أو في الكلية… ويميز بين ماهو مقصدحقيقي وما قد يكون موهوماً، وعلى العلم بمآلات المقاصد فيما إذا كانت تتحقق من الأحكام الموضوعة أو تحول ظروف وملابسات واقعية دون ذلك .
وهكذا فإن تفعيل المقاصد… يتوقف على جملة من العناصر لعل أهمهاعنصران أساسيان:

أولهما: التحقيق في ذات المقاصد لتعلم درجاتها وأولوياتها.

وثانيهما: التحقيق في مآلات المقاصد ليعلم تحققها في الواقع، وهذا التحقيق بفرعيه يتبين به للفقيه الحكم الشرعي المناسب لمعالجة مايتصدى له بالنظر ، فيقرره بحيث يكون محققاً لمقصده المراد منه”.

ومن مخرجات تفعيل مقاصد الشريعة في النظر الفقهي”#الاجتهاد_المقاصدي” ، ومن مخرجاتها في النظر العقلي #استثمار_المقاصد_في_العلوم_الإنسانية، وتشكيل العقلية المقاصدية.

#تفعيل_مقاصد_الشريعة_في_الاصطلاح_المقاصدي:

ألف د. جمال الدين عطية كتاباً بعنوان “#نحو_تفعيل_مقاصد_الشريعة” ، وهو بذلك أكبر المروجين لهذا المصطلح . ولكنه لم يقم بتحديد المقصود به، ربما لوضوحه. وقد بين د. عطية أن قصده في هذا الكتاب يتمثل في إعادة النظر في بعض مفاهيم ومضامين المقاصد ، وفتح الطريق لتفعيل هذه المقاصد.

وقد خصص الفصل الثالث من كتابه للنظر في سبل تفعيل مقاصد الشريعة، وهذا الفصل هو الذي يعكس عنوان الكتاب ويترجم رسالته “نحو تفعيل مقاصد الشريعة”.

فالمراد بمصطلح #تفعيل_مقاصد_الشريعة” جعلها فعالة ومؤثرة وموجهة ، سواء في الاجتهاد الفقهي أو في مختلف المجالات العلمية والفكرية ، وإسهامها في تشكيل منهج النظر العلمي والعملي.

#معجم_المصطلحات_المقاصدية

Share:

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn