دور الأدب الصومالي في حفظ اللغة والدين – رؤية مقاصدية

تقديم

 

الحمد الله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فإن فهم الإنسان للخطاب يتوقف على مستوى معرفته بلغة المتكلم ودراسته لأساليبها وإدراكه لأسرارها، إذ إن اللغة وعاء المعتقدات والأفكار والآراء والعواطف، ولهذا جاء القرآن الكريم نبراس الهداية على أفصح لغات العرب وعلى أبلغ أساليبهم حيث انتدبهم لقيادة البشرية وريادتها، فجعلهم حملة رسالته وحماة ملته.

وفنون اللغة كثيرة، وهي بالدراية جديرة، ولا جرم أن اللغة تتجسد في مشكاة آدبها، وتنعكس في مرآة فنونها، شعرا كان أو نثرا: تعبيرا أو تعليما، واللغة الأدبية خطابةً وكتابةً أبلغ أثرا وأكبر وقعا، وأصدق في التعبير عن الإحساس، ولهذا يلجأ البشر إلى فنون الأدب وأساليبه عند الانفعالات المؤثرة: كالدعوة والنجدة، والحرب والهجاء، والحزن والرثاء، وربما في الوصف والغزل، وذلك لإقناع المخاطب أو القارئ برؤية معينة أو فكرة محددة.

ولما كان مركز المقاصد للبحوث والدراسات معنيّا بنشر ثقافة المقاصد في المجتمع الصومالي كان من أولى أولوياته الاهتمام بالجوانب الجمالية المميزة لثقافة المجتمع الصومالي حتى يتلاقح الموروث الثقافي للمجتمع  مع التراث المقاصدي الذي يبثه المركز لينصهر ذلك في بوتقة خدمة علوم الشريعة وحفظ هوية الأمة وإحياء نخوتها على مرتكزاتها الثقافية وغيرتها على ثوابتها العلمية.

عزيز ي القارئ:

بين يديك الآن أوراق قُدِّمت في ندوة نظمها المركز بعنوان: دور الأدب الصومالي في حفظ اللغة والدين – رؤية مقاصدية، وكان التركيز في هذه الندوة على الأدب الصومالي باللغة الصومالية، على أمل أن يتم تنظيم ندوة تناقش الأدب الصومالي باللغة العربية.

تجدر الإشارة إلى أن الندوة أدراها الأستاذ محمد عبد الله توكل عضو قطاع البحث العلمي بالأكاديمية الوطنية للعلوم والفنون والآداب، وقدَّمها متحدثان متضلعان بالأدب والفن الصومالي:

المتحدث الأول الشيخ الداعية عبد الرحمن محمود جنقو وزير سابق، وتناول في ورقته – بالشرح والتوضيح مستشهدا بالنصوص الأدبية من اللغة الصومالية والعربية شعرا ونثرا حداء ورجزا- تناول الأمور التالية: دور اللغة في حفظ هوية الأمة ورعاية الدين، والتغيير الثقافي الذي طرأ على الأمة وسبل مواجهته من خلال الفن والآداب، وضرورة إحياء اللغة ورفع مستوى تعليمها واستخدامها في المجال العلمي والأكاديمي بغية تقويتها وتطويرها وإثرائها، لكونها عمود الثقافة وركنها المتين وقطبها المساند.

أما المتحدث الآخِر فهو الشاعر الأديب والناقد الأريب محمود علي آدم هوري عضو لجنة اللغة الصومالية في الأكاديمية الوطنية للعلوم والفنون والآداب، وجاء في ورقته أمور منها: أن معيار وجود الأمة وبقائها هو قوة لغتها وبقائها حية مستخدمة، ثم استطرد في شرح هذه الحيثية وغيرها في سياق أدبي شيق مقارن بين الأدب الصومالي والأدب العربي، وقال: اللغة أداة التفكير، ووعاء الثقافة والتقاليد والدين وحماها، وهي السمة المميزة للمجتمع، وتحدث عن تاريخ الأمة الصومالية العريق المتسم بالنضال والريادة والرفادة، القائم على الرؤية الواضحة والفلسفة الأخلاقية، المبرأ من العيوب والنقائص إلا على قدر ما يعتري كل التجارب البشرية والنماذج الإنسانية.

هذا،،، وقد أمتع المتحدثان الحضور بدررهما الأدبية ونوادرهما الفنية وشنفا الآذان بحُدائهما وشعرهما، وأيقظا القلوب بحصيلتهما العلمية والعملية الثرة، وخلفيتهما الفكرية والثقافية الجمة، وهو ما استدرَّ أفكار الحضور ونقاشاتهم ومشاركاتهم التي أثرت الموضوع.

وفي الختام أجمع الحضور على إعادة بعث اللغة الصومالية وتنشيط استخدامها في الدعوة والتوعية، وإزالة الفجوة بين الفن والآداب وبين العلماء والدعاة، لأنها أنجع وسيلة لتبسيط المعلومة وإيصالها إلى العامة والخاصة.

يأمل المركز جاهدا أن يغطي جميع مجالات الحياة وأن يلبي حاجات المجتمع والأفراد ضمن خطة عملية مرسومة، يتم تنفيذها على مراحل مدروسة.

نسأل الله السلامة والتوفيق والرشد والسداد، والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم، وهو يهدي السبيل.

للتحميل اضغط هذا الرابط

Share:

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn