كتاب أوراق المؤتمر العلمي الثالث: دور العلماء في إرساء السلم والمصالحة الوطنية

 

بســــم اللـه الرحمن الرحيم

تـقـديم

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

إن المصالحة ضرورة دينية وحضارية واجتماعية، قد عُني بها القرآن الكريم عناية فائقة، حيث جاء التوجيه القرآني صريحا بالسعي للإصلاح بين الناس، قال تعالى (فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡۖ ) سورة الانفال – آية: 1

واهتمت السنة النبوية بالمصالحة إرشادا وتوجيها، وعملا وتطبيقا، وانتصب النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لمباشرة مهمة المصالحة بين المسلمين، وبينهم وبين غيرهم قال صلى الله عليه وسلم: “ما عُمِل شيء أفضل من الصلاة وصلاحِ ذات البين وخُلُقٍ جائزٍ بين المسلمين”. صحيح الترغيب رقم الحديث: 22816.

إن من مقاصد الشريعة الإسلامية قيام مجتمع منسجم قائم على أسس المحبة والتكامل، متعايش سلميا، متماسكا نسيجا، ولا يتأتى ذلك إلا بتحقيق العدل والمصالحة ودرء مفاسد الشقاق وإنهاء الخصومات وتسوية النزاعات وإصلاح ذات البين لقطع دابر الخلاف وإعادة الوئام المجتمعي وإحياء الأخوة بين الأمة.

ولا شك أن العلماء هم خير من يقوم بهذا الدور، ويسدّ هذه الثغرة باعتبارهم موضع ثقة المجتمع لكونهم حملة الدين والموقعين عن رب العالمين، فقد حفظوا للأمة دينها وهويتها تجاه الغزو الثقافي الاستعماري، حيث كانوا قادة في مجال الحكم والسياسة والقضاء والدفاع، وتصدوا للدعوة والإصلاح عبر العصور في الأمصار والمدن، ومارسوا القضاء البديل والتحكيم في ظل وجود الأنظمة والدول، كما أنهم أقاموا المؤسسات التعليمية والدعوية والجمعيات الخيرية، ودعموا الاستقرار وبناء الأمن والسلام، وشاركوا في الخدمة الاجتماعية بالنصح والوعظ والتأليف والتعليم التربية والفتوى والتوجيه، وقد انخرط كثير من العلماء في الأنظمة المتعاقبة وتقلدوا مناصب دستورية وإدارية وقيادية، كما صار بعضهم قادة في الإدارات الأهلية شيوخا وسلاطين ومصلحين اجتماعيين، فرفعوا ثقة الناس بالعلماء من خلال سلوكهم القويم وحرصهم الشديد على إصلاح المجتمع وتطويره على ضوء الشريعة الإسلامية ومقاصدها.

 

 للتحميل اضغط الرابط 

 

Share:

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn